ولكن إذا ورد مخصّص منفصل دلّ على عدم وجوب بعض أفراد العام ، ولنفرض أنّ هذا البعض يشمل عشرة من المائة ، فهذا يعني أنّ بعض الظواهر الضمنيّة سوف تسقط عن الحجيّة لمجيء المخصّص.
والسؤال هنا : هو أنّ الظواهر الضمنيّة الأخرى التي تشمل التسعين الباقين هل تبقى على الحجيّة أو لا؟
فإن قيل بالأوّل كان معناه أنّ الظهور التضمني غير تابع للظهور الاستقلالي في الحجيّة ، وإن قيل بالثاني كان معناه التبعيّة ، كما تكون الدلالة الالتزاميّة تابعة للدلالة المطابقيّة في الحجيّة.
وكلامنا فيما إذا ورد مخصّص منفصل يدلّ على عدم وجوب إكرام بعض الأفراد كما في المثال المذكور ، فنفرض أنّه ورد لا تكرم هؤلاء العشرة من الموجودين في البيت ، فهنا لا إشكال في سقوط المدلول المطابقي عن حجيّته وشموله لكل الأفراد ، لأنّنا نعلم بعدم الشمول ، وهذا يستلزم أيضا أنّ بعض الظواهر الضمنيّة سوف تسقط عن الحجيّة بسبب مجيء المخصّص المنفصل إذ العشرة التي ورد فيها المخصّص المنفصل ساقطة عن الحجيّة ولا يشملها العموم.
وهذا المقدار ممّا لا إشكال فيه أيضا.
وإنّما الإشكال والكلام في وجوب الباقي من المدلولات والظهورات التضمنيّة فهل الأفراد الأخرى التي لم يرد فيها مخصّص حجّة أم أنّها تسقط عن الحجيّة تبعا لسقوط المدلول المطابقي أيضا؟
فإنّ قيل بأنّها لا تسقط عن الحجيّة بل تبقى واجبة كان معناه أنّ الظهور التضمني غير تابع للظهور المطابقي الاستقلالي في الحجيّة ، وإن قيل بأنّها تسقط عن الحجيّة أيضا ، كان معناه أنّها تابعة للظهور الاستقلالي في الحجيّة ، كما كانت الدلالة الالتزاميّة تابعة للدلالة المطابقيّة في الحجيّة.
والأثر العملي بين القولين أنّه على الأوّل نتمسّك بالعام لإثبات الحكم لتمام من لم يشملهم التخصيص ، وعلى الثاني تسقط حجيّة الظواهر التضمنيّة جميعا ولا يبقى دليل حينئذ على أن الحكم هل يشمل تمام الباقي أم لا؟
والفارق العملي بين القولين : هو أنّه على القول بعدم تبعيّة المدلول التضمني