للمدلول الاستقلالي في الحجيّة سوف تكون الظواهر التضمنيّة الباقية على حجيّتها ، وذلك تمسكا بالعام ، فإنّ العام حجّة في الشمول والاستيعاب لكل أفراده خرج منه بعض الأفراد والمفروض أنّ هذا التخصيص للبعض لا يؤثّر على ظهور العام في الباقي فيكون الباقي لا يزال داخلا تحت العام ومشمولا لحكمه.
بينما على القول بتبعيّة الظهور التضمني للاستقلالي فهذا يعني أنّ الظهورات الباقية لا دليل على ثبوت الحكم فيها ؛ إذ المفروض أنّ العام سقطت حجيّته في الشمول لكل الأفراد ، وأنّ كل الظهورات التضمنيّة سقطت عن الحجيّة ، وعليه فلا يعلم الحكم المقصود من العام من حيث الأفراد هل هو شامل لتمام الأفراد الباقية أم لا؟
وقد ذهب بعض الأصوليّين إلى سقوط الظواهر والدلالات التضمنيّة جميعا عن الحجيّة ؛ وذلك لأنّ ظهور الكلام في الشمول لكل واحد من المائة في المثال المذكور إنّما هو باعتبار نكتة واحدة وهي الظهور التصديقي لأداة العموم في أنّها مستعملة في معناها الحقيقي وهو الاستيعاب ، وبعد أن علمنا أنّ الأداة لم تستعمل في الاستيعاب بدليل ورود المخصّص وإخراج عشرة من المائة نستكشف أنّ المتكلّم خالف ظهور حاله واستعمل اللفظ في المعنى المجازي ، وبهذا تسقط كل الظواهر الضمنيّة عن الحجيّة ؛ لأنّها كانت تعتمد على هذا الظهور الحالي الذي علم بطلانه ، وفي هذه الحالة يتساوى افتراض أن تكون الأداة في المثال مستعملة في التسعين أو في تسعة وثمانين لأنّ كلا منهما مجاز ، وأيّ فرق بين مجاز ومجاز؟!
ذهب بعض الأصوليّين ممّن تقدّم على سلطان المحقّقين إلى أنّ العام بعد تخصيصه بالمخصّص المنفصل يسقط عن الحجيّة في الباقي ، وهذا هو معنى سقوط الدلالات التضمنيّة جميعا عن الحجيّة بعد ورود المخصّص المنفصل على العام ، فإذا قيل : ( أكرم كل من في الدار ) وكان المجموع مائة.
ثمّ ورد مخصّص منفصل يستثني عشرة منهم لسبب خاص فهنا يعلم بأن أداة العموم لم تستعمل في معناها الحقيقي الذي وضعت له لغة وهو الشمول والاستيعاب لكل أفراد المدخول ، إذ المفروض أنّ المخصّص المنفصل قد أسقط بعض الأفراد عن الحجيّة وأخرجها عن العموم والاستيعاب المدلول عليه بالأداة ، وهذا يعني أنّ المراد الجدّي الواقعي لم يكن متطابقا مع المراد الاستعمالي وهذا أيضا لم يكن متطابقا مع