كشف عن أنّ بعض الأفراد ليسوا مرادين جدّا ، وأمّا سائر الأفراد الأخرى فهي داخلة تحت العموم والاستيعاب ، إذ لا مخرج لها.
وبكلمة أوضح : أنّ كل فرد من الأفراد داخل في المراد الجدّي ولا يرفع اليد عن العموم بلحاظه ما لم تكن هناك قرينة على الخلاف ، فإذا جاء المخصّص المنفصل وأخرج بعض الأفراد من المراد الجدّي ثبت عدم إرادة العموم والشمول لهذا البعض من الأفراد.
وأمّا سائر الأفراد الأخرى فحيث إنّه لم يثبت خروجها عن المراد الجدّي ، وحيث إنّ الأداة لا تزال مستعملة في معناها الحقيقي وهو الشمول والاستيعاب فهي لا تزال داخلة في العموم ، فإذا شكّ في عدم إرادتها بعد ورود التخصيص أمكننا التمسّك بالعام لإثبات حكمه بلحاظها.
وبهذا ظهر أنّ العام يبقى على حجيّته بلحاظ الأفراد الباقية بعد ورود المخصّص المنفصل ، وذلك تمسّكا بالعام فيها ، إذ لا دليل على خروجها عن عموم العام (١).
__________________
(١) وأجاب الميرزا النائيني عن ذلك أيضا وفقا لمبناه من أنّ الظهور التصديقي متوقف على عدم القرينة المنفصلة على الخلاف فمع ورود المخصّص المنفصل يثبت أنّ مراده الجدّي هو الباقي بعد التخصيص ، لأنّ ورود المخصّص المنفصل يكشف عن كون المراد الجدّي ليس تمام الأفراد بل البعض فقط ولذلك يكون الظهور التصديقي منعقدا من أوّل الأمر على شمول باقي الأفراد فقط ، لا للجميع ، وذلك بقرينة ورود المخصّص المنفصل الذي أخرج ذلك البعض.
وبهذا لا يكون المخصّص المنفصل موجبا للمجازية أصلا ، وإنّما يوجب تضييق دائرة المراد الجدّي والظهور التصديقي ، فبعد أن كانت دائرته أوسع صارت دائرته أضيق بسبب هذا المخصّص المنفصل.
وعليه ، فالمخصّص المنفصل يوجب تضييق دائرة مدخول الأداة فقط ، وهي لا تزال مستعملة لاستيعاب تمام أفراد مدخولها فتكون باقي الأفراد حجّة وداخلة تحت العام وضمن المراد الجدّي.
وأجاب الشيخ الأنصاري عن ذلك بأنّنا نلتزم بالمجازية مع ورود المخصّص المنفصل ، ولكن مع ذلك يبقى العام حجّة في باقي الأفراد ؛ وذلك لأنّ دلالة العام على كل فرد فرد ليست مترابطة من حيث الدلالة ، فكلّ فرد يشمله العام بقطع النظر عن الفرد الآخر ، فمع ورود المخصّص المنفصل المخرج لبعض الأفراد معناه أنّ الأداة لم تستعمل في معناها الحقيقي أي الشمول لكل الأفراد ، إلا أنّ شمولها للبعض لا يزال ثابتا إذ لا ارتباط لهذا البعض بالبعض الآخر ، والمفروض أنّه لا دليل على خروجه أيضا فيتمسك بالعام بلحاظه.