التسعين ابتداء ، فتكون مستعملة في استيعاب تمام أفراد التسعين وطبقا لأصالة التطابق نستفيد أنّه يريد جدّا إكرام تمام أفراد التسعين إذ لم ينصب قرينة على خلاف ذلك.
وهذا المخصّص المتّصل لا يوجب كون الأداة مستعملة في غير معناها الموضوعة له ، إذ هي لا تزال مستعملة في الاستيعاب والشمول لتمام أفراد مدخولها ، غاية الأمر أنّ أفراد مدخولها قد تكون كثيرة وأخرى تكون قليلة وكثرتها وقلّتها لا مدخليّة لها في الاستعمال. وهذا نظير ما تقدّم من أنّ التقييد إنّما يوجب وجود مفهوم آخر مغاير للمفهوم الموجود في الإطلاق تكون أفراده أقلّ من الآخر مصداقا وتكوينا ، وقلّة الأفراد وكثرتها في الخارج لا توجب تغيير الاستعمال من الحقيقة إلى المجاز ما دام اللفظ مستعملا في معناه الموضوع له لغة في كلا الحالتين.
وبهذا يختلف المخصّص المتّصل عن المنفصل ، لأنّ الأوّل يتدخّل في أصل تكوين مدخول الأداة ابتداء ومن أوّل الأمر ، ولذلك يكون التطابق موجودا بين الاستعمال والمراد الجدّي بخلاف الثاني فإنّه لا يتدخّل في أصل تكوين مدخول الأداة والمعنى المستعمل فيه ، وإنّما ينظر إلى المراد الجدّي وحجيّته فقط ، ولذلك يكون وجوده موجبا للتوهم وأنّ اللفظ استعمل بنحو الحقيقة أو المجاز ، وقد تقدّم أنّه لا يزال على جهة الحقيقة أيضا.
وعلى أيّة حال فبالنسبة إلى الصيغة الأساسيّة للمسألة المطروحة ـ وهي حجيّة الظهور التضمني ـ اتّضح أنّ الظواهر التضمنيّة إذا كانت جميعا بنكتة واحدة وعلم ببطلان تلك النكتة سقطت عن الحجيّة كلّها ، وإذا كانت استقلاليّة في نكاتها لم يسقط بعضها عن الحجيّة بسبب سقوط البعض الآخر.
والحاصل : أنّ مسألة حجيّة الظواهر التضمنيّة بعد سقوط المدلول الاستقلالي تتوقّف على كونها ذات نكتة واحدة أو نكات متعدّدة.
فإذا كانت الظواهر التضمنيّة جميعا ذات نكتة واحدة وعلم بطلانها فهذا يستلزم سقوط الظواهر التضمنيّة كلّها عن الحجيّة ، كما ذكرنا ذلك بالنسبة للإرادة الاستعمالية فإنّ النكتة فيها واحدة وهي ظهور حال المتكلّم في التطابق بين المدلول التصوّري والمدلول التصديقي الأوّل.
وإذا كانت الظواهر التضمنيّة ذات نكات متعدّدة أي لكل ظهور نكتة خاصّة