المعيّن فيما إذا كان كلّ من الدليلين يحتمل فيه أن يكون أقوى وأهمّ ملاكا من الآخر ، مع فرض عدم العلم بالأهمّيّة ولا بعدمها من الخارج ، بل كانت سائر الخصوصيّات موجودة فيهما على حدّ واحد.
وبذلك يظهر أنّ الشقّ الثاني يمكن الاستغناء عنه في أغلب الحالات ولا نحتاج إليه إلا في حالة واحدة فقط.
وأمّا الشقّ الثالث ـ وهو إثبات الحجّيّة التخييريّة ـ فقد أبطل بأنّ مفاد الدليل هو كون الفرد مركزا للحجّيّة لا الجامع.
وأمّا الشقّ الثالث : وهو عدم معقوليّة الحجّيّة التخييريّة.
فقد استدلّ المشهور على بطلانها بأنّ مفاد دليل الحجّيّة ( أي حجّيّة الخبر ) أنّ كلّ خبر حجّة بنحو تكون الحجّيّة شاملة لكلّ فرد من أفراد خبر الثقة ، ممّا يعني أنّ موضوع الحجّيّة مركزها ومصبّها هو شخص هذا الخبر وذاك ، وهكذا.
وليس موضوع الحجّيّة هو الجامع أيّ عنوان أحد الخبرين أو أحدهما ؛ لأنّه لا وجود حقيقي وواقعي لهذا العنوان ، بمعنى أنّه لا يحكي عن حقيقة في الخارج ينطبق عليها أحدهما أو الفرد المردّد ؛ لأنّ ما هو موجود في الخارج هو هذا الخبر أو ذاك ، لا أحدهما المردّد.
وعليه ، فإرادة الحجّيّة التخييريّة معناها أن يكون الجامع هو المصبّ لموضوع الحجّيّة لا الفرد وهذا خلاف الظاهر ولا يمكن الالتزام به.
أمّا كونه خلاف الظاهر فلما ذكرنا من كون الحجّيّة موضوعها الفرد لا الجامع.
وأمّا أنّه يلزم من الحجّيّة التخييريّة كون الموضوع هو الجامع فلأنّه لا معنى للتخيير إلا بأن يكون هناك عنوان يشمل الخبرين أو الأخبار وليس ذاك إلا الجامع.
ويلاحظ : أنّ الحجّيّة التخييريّة لا ينحصر أمرها بحجّيّة الجامع ، ليقال بأنّ ذلك خلاف مفاد الدليل ، بل يمكن تصويرها بحجّيّتين مشروطتين ، بأن يلتزم بحجّيّة كلّ من الدليلين لكن لا مطلقا ، بل شريطة ألاّ يكون الآخر صادقا ، فمركز كلّ من الحجّتين الفرد لا الجامع ولكن نرفع اليد عن إطلاق الحجّيّة لأجل التعارض.
ويرد على هذا الاستدلال :
أوّلا : أنّه إنّما يتمّ لو فرض انحصار معنى الحجّيّة التخييريّة بالجامع ، فيقال : إنّ