قلنا : والله ما ندري إلا ظنا.
قال : ومن تظنان؟.
قلنا : عساك (١) تريد القوم الذين أرادوا أبا بكر على صرف (٢) هذا الأمر عنك.
قال : كلا والله (٣) ، بل كان أبو بكر أعق وأظلم ، هو الذي سألتما عنه ، كان والله أحسد قريش كلها ، ثم أطرق طويلا فنظر إلي المغيرة ونظرت إليه ، وأطرقنا مليا لإطراقه (٤) ، وطال السكوت منا ومنه حتى ظننا أنه قد ندم على ما بدا منه ، ثم قال : وا لهفاه! على ضئيل بني تميم بن مرة ، لقد تقدمني ظالما وخرج إلي منها آثما. فقال له المغيرة : أما تقدمه عليك يا أمير المؤمنين ظالما فقد عرفناه (٥) ، فكيف (٦) خرج إليك منها آثما؟.
قال : ذلك لأنه لم يخرج إلي منها إلا بعد يأس منها ، أما والله لو كنت أطعت زيد بن الخطاب وأصحابه لم يتلمظ من حلاوتها بشيء أبدا (٧) ، ولكني قدمت وأخرت ، وصعدت وصوبت ، ونقضت وأبرمت ، فلم أجد إلا الإغضاء على ما نشب به منها (٨) والتلهف على نفسي (٩) ، وأملت إنابته ورجوعه ، فو الله ما فعل حتى فرغ منها بشيما (١٠).
__________________
(١) في الشافي : نراك.
(٢) لا توجد : صرف ، في (س).
(٣) لا توجد : والله ، في المصدر.
(٤) في الشافي : وأطرقنا لإطراقه ـ ولا توجد : مليا ـ.
(٥) في الشافي : هذا يقدمك ظالما قد عرفنا.
(٦) في (س) : كيف.
(٧) وضع على : أبدا ، رمز نسخة بدل في ( ك ).
(٨) في المصدر : على ما نشبت منه فيها.
(٩) في حاشية ( ك ) نسخة بدل : فلم يجبني نفسي إلى ذلك.
(١٠) في الشافي : فغربها بشما ، وفي شرح النهج : نغر.