قال المغيرة : فما منعك منها يا أمير المؤمنين! (١) وقد عرضها عليك يوم السقيفة بدعائك إليها؟!. ثم أنت الآن تنقم وتتأسف (٢). فقال : ثكلتك أمك يا مغيرة! إني كنت لأعدك من دهاة العرب ، كأنك كنت غائبا عما هناك ، إن الرجل كادني فكدته ، وماكرني فماكرته ، وألفاني أحذر من قطاة ، إنه لما رأى شغف (٣) الناس به وإقبالهم بوجوههم عليه ، أيقن أنهم لا يريدون (٤) به بدلا ، فأحب لما رأى من حرص الناس عليه وشغفهم (٥) به أن يعلم ما عندي ، وهل تنازعني نفسي إليها (٦) ، وأحب أن يبلوني بإطماعي فيها والتعريض لي بها ، وقد علم وعلمت لو قبلت ما عرضه علي لم يجب (٧) الناس إلى ذلك ، فألفاني (٨) قائما على أخمصي مستوفزا (٩) حذرا ولو أجبته إلى قبولها لم يسلم الناس (١٠) إلى ذلك ، واختبأها ضغنا علي (١١) في قلبه ، ولم آمن غائلته ولو بعد حين ، مع ما بدا لي من كراهة (١٢) الناس لي ، أما سمعت نداءهم من كل ناحية عند عرضها علي : لا نريد سواك يا أبا بكر ، أنت لها ، فرددتها إليه فعند ذلك رأيته وقد التمع وجهه لذلك سرورا ، ولقد عاتبني
__________________
(١) لا توجد : أمير المؤمنين ، في المصدر.
(٢) في الشافي : بالتأسف عليه.
(٣) في (س) : شعف.
(٤) في المصدر : أيقن أن لا يريدون ..
(٥) في (س) : شعفهم ـ بالعين المهملة ـ.
(٦) في المصدر : وهل تنازع إليها نفسي.
(٧) في الشافي : ما عرض علي منها لم يجبه ، وقد جاء نسخة في (س) : علي منها. ولعله إشارة إلى المصدر.
(٨) في المصدر : فألقاني.
(٩) في الشافي : متشوزا ، وفي شرح النهج : مستوشزا ، وفي نسخة جاءت في ( ك ) : متواريا.
(١٠) وضع على كلمة : الناس ، رمز نسخة بدل في ( ك ).
(١١) في ( ك ) زيادة كلمة : ما ، بعد : علي.
(١٢) في المصدر : كراهية.