يطالب أبا بكر بدمه والاقتصاص من قاتله ورد سبيه ، فإنما (١) أراد في الجملة التقرب إلى عمر بتقريظ (٢) أخيه.
ثم لو كان ظاهر القول كباطنه (٣) لكان إنما يفيد تفضيل قتلة زيد (٤) على قتلة مالك ، والحال في ذلك أظهر ، لأن زيدا قتل في بعث المسلمين ذابا عن وجوههم ، ومالك قتل على شبهة ، وبين الأمرين فرق.
فأما قوله في النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : صاحبك .. فقد قال أهل العلم إنه أراد القرشية ، لأن خالدا قرشي ، وبعد فليس في ظاهر إضافته إليه دلالة (٥) على نفيه له عن نفسه ، ولو كان علم من مقصده الاستخفاف والإهانة ـ على ما ادعاه صاحب المغني (٦) ـ لوجب أن يعتذر خالد بذلك (٧) عند أبي بكر وعمر ، ويعتذر به أبو بكر لما (٨) طالبه عمر بقتله ، فإن عمر ما كان يمنع من قتل قادح في نبوة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإن كان الأمر على ذلك فأي معنى لقول أبي بكر : تأول فأخطأ؟! ، وإنما تأول فأصاب ، إن كان الأمر على ما ذكر (٩).
وأورد عليه ابن أبي الحديد (١٠) : بأنه لا ملازمة بين القول بوجوب الصلاة وبين القول بوجوب الزكاة ، لأنه لا تلازم بين العبادتين في الوجود ، وكونهما متشاركين في العلم بهما من الدين ضرورة لا يقتضي امتناع سقوط أحدهما بشبهة ، فإنهم قالوا
__________________
(١) في المصدر : وإنما.
(٢) أي بمدح أخيه ، كما جاء في القاموس ٢ ـ ٣٩٨.
(٣) في الشافي : هذا القول كما ظنه ، بدلا من : القول كباطنه.
(٤) في المصدر : تفضيل زيد وقتلته ..
(٥) في الشافي : دلالته ..
(٦) في المصدر : صاحب الكتاب.
(٧) هنا تقديم وتأخير في الشافي ، أي : بذلك خالد.
(٨) في المصدر زيادة : له ، قبل : لما.
(٩) في الشافي : على ما ذكره ، وفي شرح النهج : على ما ذكر ـ بلا ضمير ـ. وحكاه ابن أبي الحديد في شرح النهج ١٧ ـ ٢٠٢ ـ ٢٠٧ بألفاظ متقاربة.
(١٠) شرح نهج البلاغة ١٧ ـ ٢٠٨ ، باختلاف واختصار كثير.