وإن كان المراد الوصية لأبي بكر ـ كما رووه عن عائشة ـ فكيف يتصور من عمر بن الخطاب الممانعة في إحضار ما كان وسيلة إلى استخلافه مع شدة رغبته فيه؟!.
وقد قال شارح المقاصد (١) في قصة الفلتة : كيف يتصور من عمر القدح في إمامة أبي بكر مع ما علم من مبالغته في تعظيمه وانعقاد (٢) البيعة له ، ومن صيرورته خليفة باستخلافه.
وروي أنه لما كتب أبو بكر وصيته في عمر وأرسله بيد رجلين ليقرأه [ ليقرءاه ] على الناس ، قالا للناس : هذا ما كتبه أبو بكر ، فإن قبلتموه نقرأه وإلا نرده؟!. فقال طلحة : اقرأه [ اقرءاه ] وإن كان فيه عمر. فقال له عمر : من أين عرفت ذكري فيه؟. فقال طلحة : وليته بالأمس وولاك اليوم.
على أنه لا حاجة في مقام الطعن إلى إثبات خصوص ما كان مرادا له صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإن الرد عليه وظن أن الصواب في خلاف ما قضى به في معنى الشرك بالله ، ولو كان في استخلاف أبي بكر أو (٣) عمر.
لكن كان الغرض التنبيه على فساد ما ذكره بعض المتعصبين من أن القول بأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد أن يؤكد النص على خلافة علي عليهالسلام من باب الإخبار بالغيب ، ولم لا يريد أن ينص بخلافة أبي بكر؟ وقد وافق هذا ما روينا عن عائشة أنه قال : ادعي لي أبا بكر ـ أباك ـ حتى أكتب له كتابا.
ومن تأمل بعين البصيرة فيما سبق ـ مع ما سبق من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم الغدير وغيره ـ ظهر له أن المراد كان تأكيد النص بالكتاب ، وليس الفهم من القرائن (٤) والدلائل من الإخبار بالغيب.
__________________
(١) شرح المقاصد ٥ ـ ٢٨١.
(٢) في المصدر زيادة : في ، قبل : انعقاد.
(٣) في ( ك ) : واو ، بدلا من : أو.
(٤) في (س) : القراءة.