ذكره ـ لو تم ـ فإنما ينفع في دفع الأول دون الثاني.
وأما قصة صلح الحديبية ـ التي أشار إليها ـ فليس الطعن فيها بلفظ يشتمل على سوء الأدب حتى يجري فيه تأويل ، بل بالإنكار لقول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وعدم تصديقه بعد قوله : أنا رسول الله (ص) ، أفعل ما يأمرني به .. وهو إما تكذيب صريح للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لو لم يصدقه في قوله ذلك ، أو تقبيح صريح لما قضى الله به لو صدق الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. ، وقد ذكر الموجه نفسه (١) شرح هذه القصة في الجزء الثاني عشر في سلك الأخبار التي رواها عن عمر ، قال : لما كتب النبي صلى الله عليه [ وآله ] كتاب الصلح في الحديبية بينه وبين سهيل بن عمرو ، وكان في الكتاب أن من خرج من المسلمين إلى قريش لا يرد ومن خرج من المشركين إلى النبي صلى الله عليه [ وآله ] يرد إليهم ، غضب عمر وقال لأبي بكر : ما هذا يا أبا بكر؟ أيرد المسلمون إلى المشركين؟! ، ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] فجلس بين يديه ، وقال : يا رسول الله! ألست رسول الله حقا؟!. قال : بلى. قال : ونحن المسلمون حقا؟. قال : نعم. قال : وهم الكافرون (٢)؟!. قال : نعم. قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا؟!. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أنا رسول الله (ص) أفعل ما يأمرني به ولن يضيعني ، فقام عمر مغضبا ، وقال : والله لو أجد أعوانا ما أعطيت الدنية أبدا! ، وجاء إلى أبي بكر ، فقال له : يا أبا بكر! ألم يكن وعدنا ، أنا سندخل مكة ، فأين ما وعدنا به؟!. فقال أبو بكر : أقال لك إن العام ندخلها؟. قال : لا. قال : فسندخلها (٣). قال : فما هذه الصحيفة التي كتبت؟ وكيف نعطي الدنية في (٤)
__________________
(١) ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ١٢ ـ ٥٩ ـ ٦٠.
(٢) في المصدر : وهم الكافرون حقا.
(٣) في شرح ابن أبي الحديد : فسيدخلها.
(٤) في ( ك ) : من ، بدلا من : في.