اصطفاه الله على العالمين ، ومن رضي بإمامة من يكره حكاية ألفاظه ـ كما مر من كلام الموجه ـ فقد بلغ الغاية في السفاهة وفاز بالقدح المعلى من الحماقة.
وأما من استشهد الشارح بشعره من الأعراب فهو ممن قال الله تعالى فيه : ( الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ ) (١) ، ومثله أحرى بأن يعد من البهائم ، ولم يقل أحد بأن مثله يصلح للإمامة حتى يقاس بفعله فعل من ادعى الإمامة.
وما ذكره من أن الأحسن كان أن يقول مغمور أو مغلوب بالمرض فهو هذيان كقول إمامه ، إذ الكلام في أنه لا يجوز الرد على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنكار قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) مطلقا ، سواء كان في حال المرض أو غيره ، للآيات والأخبار الدالة على وجوب الانقياد لأوامره ونواهيه ، وأنه لا ينطق عن الهوى ولا يقول إلا حقا ، والهجر وغلبة المرض ـ وإن كان أمرا شائعا في أكثر البشر ـ إلا أنه لا استبعاد في براءة من اصطفاه الله على العالمين عنه ، كما أن غلبة النوم يعم (٣) سائر الخلق.
وقد روى الخاص (٤) والعام (٥) أنه صلىاللهعليهوآله كان لا ينام قلبه إذا
__________________
(١) التوبة : ٩٧.
(٢) في (س) : قوله تعالى ، بدلا من : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو خلاف الظاهر.
(٣) في ( ك ) : تعم.
(٤) كما ورد في تفسير العسكري : ١٦٤ ، والاحتجاج ١ ـ ٢٣ ، وبحار الأنوار ٩ ـ ٢٨٦ ، ٣٠٧ ، والروايات في أن نوم الإمام عليهالسلام ويقظته واحدة تجد جملة منها في بحار الأنوار ٢٥ ـ ١٥٧ و ٢٧ ـ ٣٠٢ ، و ٤٩ ـ ٦٣ ، ٨٧ ، و ٥٠ ـ ٢٩٠ ، و ٦١ ـ ٢٣٩.
(٥) كما في صحيح البخاري كتاب التهجد باب ١٦ ، وكتاب التراويح باب ١ ، وكتاب المناقب باب ٢٤ ، وصحيح مسلم كتاب المسافرين باب ١٢٥ ، وسنن أبي داود كتاب الطهارة باب ٧٩ ، وكتاب التطوع باب ٢٦ ، وصحيح الترمذي كتاب المواقيت باب ٢٠٨ ، وكتاب الفتن باب ٦٣ ، وسنن النسائي كتاب الليل باب ٣٦ ، وموطأ ابن مالك كتاب الليل باب ٩ ، ومسند أحمد بن حنبل ١ ـ ٢٢٠ و ٢٧٨ ، و ٢ ـ ٢٥١ ، ٤٣٨ ، و ٥ ـ ٤٠ ، ٥٠ ، و ٦ ـ ٣٦ ، ٧٣ ، ١٠٤ ، وغيرها.