______________________________________________________
إحاطته قدسسره كثيرا بالأخبار بأنهم لا يقولون بالبداء ، وإنما القول به ما كان إلا في رواية رووها عن جعفر الصادق عليهالسلام أنه جعل إسماعيل القائم مقام بعده فظهر من إسماعيل ما لم يرتضه منه ، فجعل القائم مقامه موسى عليهالسلام ، فسئل عن ذلك فقال : بدا لله في إسماعيل ، وهذه رواية ، وعندهم أن خبر الواحد لا يوجب علما ولا عملا « انتهى ».
فانظر إلى هذا المعاند كيف أعمت العصبية عينه حيث نسب إلى أئمة الدين الذين لم يختلف مخالف ولا مؤالف في فضلهم وعلمهم وورعهم وكونهم أتقى الناس وأعلاهم شأنا ورفعة ، الكذب والحيلة والخديعة ، ولم يعلم أن مثل هذه الألفاظ المجازية الموهمة لبعض المعاني الباطلة قد وردت في القرآن الكريم وأخبار الطرفين ، كقوله تعالى : « اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ » (١) و « مَكَرَ اللهُ » (٢) و « لِيَبْلُوَكُمْ » (٣) و « لِنَعْلَمَ » (٤) و « يُرِيدُ اللهُ » (٥) و « وَجْهُ اللهِ » (٦) و « جَنْبِ اللهِ » (٧) إلى غير ذلك مما لا يحصي ، وقد ورد في أخبارهم ما يدل على البداء بالمعنى الذي قالت به الشيعة أكثر مما ورد في أخبارنا ، كخبر دعاء النبي صلىاللهعليهوآله على اليهودي ، وإخبار عيسى عليهالسلام (٨) وأن الصدقة والدعاء يغيران القضاء وغير ذلك.
وقال ابن الأثير في النهاية في حديث الأقرع والأبرص والأعمى : بدا لله عز وجل أن يبتليهم ، أي قضى بذلك ، وهو معنى البداء ههنا ، لأن القضاء سابق ، والبداء
__________________
(١) سورة البقرة : ١٥.
(٢) سورة آل عمران : ٥٤.
(٣) سورة الأنعام : ١٦٥ وساير السور الكريمة.
(٤) سورة سبأ : ٢١.
(٥) سورة آل عمران : ٧٣ وساير السور الكريمة.
(٦) سورة البقرة : ١١٥ وساير السور الكريمة.
(٧) سورة الزمر : ٥٦.
(٨) سيأتي تفصيل هذين الخبرين في الذيل.