______________________________________________________
هذا اللوح وعلمهم بما يقع فيه من المحو والإثبات أصلح لهم من كل شيء.
بقي هيهنا إشكال آخر : وهو أنه يظهر من كثير من الأخبار أن البداء لا يقع فيما يصل علمه إلى الأنبياء والأئمة عليهمالسلام ، ويظهر من كثير منها وقوع البداء فيما وصل إليهم أيضا ويمكن الجمع بينها بوجوه :
الأول : أن يكون المراد بالأخبار الأولة عدم وقوع البداء فيما وصل إليهم على سبيل التبليغ ، بأن يؤمروا بتبليغه فيكون إخبارهم بها من قبل أنفسهم لا على وجه التبليغ.
الثاني : أن يكون المراد بالأولة الوحي ويكون ما يخبرون به من جهة الإلهام واطلاع نفوسهم على الصحف السماوية وهذا قريب من الأول.
الثالث : أن تكون الأولة محمولة على الغالب فلا ينافي ما وقع على سبيل الندرة.
الرابع : ما أشار إليه الشيخ قدس الله روحه : من أن المراد بالأخبار الأولة عدم وصول الخبر إليهم وأخبارهم على سبيل الحتم ، فيكون أخبارهم على قسمين :
« أحدهما » ما أوحي إليهم أنه من الأمور المحتومة ، فهم يخبرون كذلك ولا بداء فيه.
« وثانيهما » ما يوحى إليهم لا على هذا الوجه ، فهم يخبرون كذلك ، وربما أشعروا أيضا باحتمال وقوع البداء فيه ، كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام بعد الإخبار بالسبعين « يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ » وهذا وجه قريب.
الخامس : أن يكون المراد بالأخبار الأولة أنهم لا يخبرون بشيء لا يظهر وجه الحكمة فيه على الخلق ، لئلا يوجب تكذيبهم بل لو أخبروا بشيء من ذلك يظهر وجه الصدق فيما أخبروا به كخبر عيسى عليهالسلام والنبي صلىاللهعليهوآله حيث ظهرت الحية (١) دالة على صدق مقالهما ، وسيأتي بعض القول في ذلك في باب ليلة القدر إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) أقول : أمّا خبر عيسى عليهالسلام فهو ما رواه الصدوق (ره) في الأمالي عن ـ