إليه وأمرهم ونهاهم فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه ولا يكونون
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : فقد جعل لهم السبيل ، قال بعض المحققين : أي كل ما تعلق به الأمر جعل للمأمور سبيل إلى تركه بإعطاء القدرة له ، وإمكان المأمور به.
فإن قيل : المأمور به واجب ضروري الوجود عند اجتماع أسباب وجوده وممتنع ضروري العدم عند عدم اجتماع أسباب الوجود ، فلا إمكان له؟
قيل : المقصود الإمكان قبل الإرادة الحتمية ، وهي من أسباب الوجود ، فلا وجوب قبلها ، ولزوم وقوع العدم عند عدم استجماع الشرائط لا ينافي الإمكان ، فإن الممكن الذي لا يلحقه وجوب لعلته الموجبة ، لا إيجاب لعدمه من عدم علته ، كما لا تأثير من عدم علته في عدمه ، فالممكن مع إمكان وجوده بوجود علته يكون معدوما لعدم علته فوجوب عدمه عبارة عن ضرورة عدم انفكاك العدم عن العدم ، لا ضرورة عدم حاصل فيه بإيجاب من موجب ، وبخلاف وجوب وجوده فوجوب الوجود من الفاعل لا يجامع الإمكان بمعنى عدم ضرورة نسبة الوجود ومقابله إلى الماهية ولو بإيجاب من الموجب ، ولزوم العدم يجامع الإمكان بمعنى عدم ضرورة أحدهما للماهية ولو بإيجاب موجب ، ومرجع هذا اللزوم إلى ما هو بمنزلة الوجوب اللاحق ، فالممكن بإمكانه مجردا من إيجاب موجب إنما يكون معدوما وهذا الإمكان مصحح الطلب.
والحاصل أن مناط الوجود للممكن ، الوجوب الحاصل لوجوده من علته الموجبة أي إيجابها إياه ، ومناط العدم للممكن عدم إيجاب موجب إياه لا إيجاب موجب لعدمه ، وإذا كان المعدوم يمكن وجوده بموجبه صح طلب إيجاده بإيجابه بموجبه ، وطلب الكف عن إيجاده بعدم إيجابه بموجبه ، وكذا لزوم عدم إرادة الفاعل لعدم أسبابها لا ينافي الأمر بإرادته « انتهى ».
ولعل المراد بالإذن رفع الموانع التي من جملتها تعلق الإرادة الحتمية من الله تعالى بضده.