______________________________________________________
فالقائم والآكل والشارب عندهم بمنزلة الأسود والأبيض.
والثاني وهو استقلال العبد في الفعل مذهب أكثر الإمامية والمعتزلة ، فإنهم ذهبوا إلى أن العباد موجدون لأفعالهم مخترعون لها بقدرتهم ، لكن أكثر المعتزلة قائلون بوجوب الفعل بعد إرادة العبد ، وبعضهم قالوا : بعدم وجوب الفعل بل يصير أولى ، قال المحقق الطوسي قدسسره : ذهب مشايخ المعتزلة وأبو الحسين البصري وإمام الحرمين من أهل السنة إلى أن العبد له قدرة قبل الفعل وإرادة بها تتم مؤثريته ، فيصدر عنه الفعل ، فيكون العبد مختارا إذ كان فعله بقدرته الصالحة للفعل والترك ، وتبعا لداعيه الذي هو إرادته ، والفعل يكون بالقياس إلى القدرة وحدها ممكنا وبالقياس إليها مع الإرادة يصير واجبا ، وقال المحمود الملاحمي وغيره من المعتزلة : إن الفعل عند وجود القدرة والإرادة يصير أولى بالوجود حذرا من أن يلزمهم القول بالجبر لو قالوا بالوجوب ، وليس ذلك بشيء لأن مع حصول الأولوية إن جاز له الطرف الآخر لما كانت الأولوية بأولوية ، وإن لم يجز فهو الواجب وإنما غيروا اللفظ دون المعنى « انتهى ».
واختلف في نسبة احتمالي الشق الثالث وتحقيقهما ، ففي المواقف وشرحه : أفعال العباد الاختيارية واقعة بقدرة الله تعالى وحدها ، وقالت المعتزلة : بقدرة العبد وحدها على سبيل الاستقلال بلا إيجاب بل باختيار ، وقالت طائفة بالقدرتين ، ثم اختلفوا فقال الأستاد ، يعني أبا إسحاق الإسفرائيني : بمجموع القدرتين ، على أن تتعلقا جميعا بالفعل نفسه وجوز اجتماع المؤثرين على أثر واحد ، وقال القاضي ، يعني الباقلاني : على أن تتعلق قدرة الله بأصل الفعل وقدرة العبد بصفته أعني كونه طاعة ومعصية ، إلى غير ذلك من الأوصاف التي لا يوصف بها أفعاله تعالى كما في لطم اليتيم تأديبا أو إيذاء فإن ذات اللطم واقعة بقدرة الله وتأثيره ، وكونه طاعة على الأول ومعصية على الثاني بقدرة العبد وتأثيره ، وقالت الحكماء وإمام الحرمين : هي واقعة على سبيل