٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن حمزة بن محمد الطيار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عز وجل « وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ » قال حتى
______________________________________________________
بطريق العادة ، وسائرهم قالوا : تجب معرفته سبحانه عقلا بالنظر والمعرفة بعده من صنع العبد يولدها النظر ، كما أن حركة اليد تولد حركة المفتاح ، وهم قد اختلفوا في أول واجب على العباد ، فقال أبو الحسن الأشعري : هو معرفته تعالى إذ هو أصل المعارف والعقائد الدينية ، وعليه يتفرع كل واجب من الواجبات الشرعية ، وقيل هو النظر في معرفته تعالى لأن المعرفة تتوقف عليه ، وهذا مذهب جمهور المعتزلة وقيل : هو أول جزء منه ، لأن وجوب الكل يستلزم وجوب أجزائه ، فأول جزء من النظر واجب ومقدم على النظر المقدم على المعرفة ، وقيل : هو القصد إلى النظر ، لأن النظر فعل اختياري مسبوق بالقصد المقدم على أول جزء من أجزاء النظر ، وقال شارح المواقف : النزاع لفظي إذ لو أريد الواجب بالقصد الأول ، أي أريد أول الواجبات المقصودة أولا وبالذات فهو المعرفة اتفاقا ، وإن أريد أول الواجبات مطلقا فالقصد إلى النظر ، لأنه مقدمة للنظر الواجب مطلقا فيكون واجبا أيضا.
الحديث الثالث : حسن موثق.
قوله سبحانه : « وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً » (١) أي يسميهم ضلالا أو يؤاخذهم مؤاخذتهم ، أو يسمهم بسمة الضلالة يعرف بها من يشاء من ملائكته إذا نظروا إليها أنهم من الضالين ، أو يخذلهم بسلب اللطف والتوفيق منهم « بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ » قيل : يحتمل أن تكون الهداية هيهنا بمعنى الإيصال إلى المطلوب ، فمعناه أنه تعالى لا يخذل قوما أو لا يحتج على قوم ولا يحكم بضلالتهم بعد أن أوصلهم إلى المطلوب حتى يعرفهم ما يرضيه فيعملوا به ، وما يسخطه فيجتنبوا عنه ، أي حتى يوفقهم لكل خير ويعصمهم
__________________
(١) سورة التوبة : ١١٥.