______________________________________________________
ابن حكيم أن يجالس أهل المدينة في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله وأن يكلمهم ويخاصمهم حتى كلمهم في صاحب القبر ، وكان إذا انصرف إليه قال : ما قلت لهم؟ وما قالوا لك؟ ويرضي بذلك منه ، وعن هشام بن الحكم قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : ما فعل ابن الطيار؟ قال : قلت : مات ، قال : رحمهالله ولقاه نضرة وسرورا فقد كان شديد الخصومة عنا أهل البيت.
ويؤيد الوجه الثالث ما روي في تفسير الإمام عليهالسلام قال : ذكر عند الصادق عليهالسلام الجدال في الدين ، وأن رسول الله صلىاللهعليهوآله والأئمة المعصومين عليهمالسلام قد نهوا عنه؟ فقال الصادق عليهالسلام : لم ينه عنه مطلقا ، لكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن ، أما تسمعون إليه يقول : « وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ » (١) وقوله تعالى : « ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ » (٢) فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين ، والجدال بغير التي هي أحسن محرم ، وحرمه الله على شيعتنا ، وكيف يحرم الله الجدال جملة وهو يقول : « وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى » قال الله تعالى : « تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ » (٣) فجعل علم الصدق والإيمان بالبرهان ، وهل يؤتى بالبرهان إلا في الجدال بالتي هي أحسن ، قيل : يا بن رسول الله فما الجدال بالتي هي أحسن والتي ليست بأحسن؟ فقال : أما الجدال بغير التي هي أحسن أن تجادل مبطلا فيورد عليك باطلا فلا ترده بحجة قد نصبها الله تعالى ، ولكن تجحد قوله أو تجحد حقا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله فتجحد ذلك الحق مخافة أن يكون له عليك فيه حجة لأنك لا تدري كيف المخلص منه ، فذلك حرام على شيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم ، وعلى المبطلين ، أما المبطلون فيجعلون الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلة
__________________
(١) سورة العنكبوت : ٤٦.
(٢) سورة النحل : ١٢٥.
(٣) سورة البقرة : ١١١.