فقال قياس رواغ تكسر باطلا بباطل إلا أن باطلك أظهر ثم التفت إلى قيس الماصر فقال تتكلم وأقرب ما تكون من الخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أبعد ما تكون منه تمزج
______________________________________________________
الفقهي أو المنطقي ، « رواغ » أي ميال عن الحق ، أو مميل كثير الميل عما يوجب غلبة الخصم عليك ، من قولهم راغ عن الشيء أي مال وحاد ، ومنه روغان الثعلب « إلا أن باطلك أظهر » أي أغلب على الخصم ، أو أوضح أو أشبه بالصواب « وأقرب ما يكون » أقرب مرفوع بالابتداء ومضاف إلى الموصول ، و « يكون » تامة أو ناقصة بتقدير الخبر ، والضمير المستتر فيه لما و « من » صلة لأقرب أو تبعيضية ، وأبعد خبر وضمير « منه » للخبر ، والجملة حال عن فاعل تتكلم ، أو كلمة « ما » مصدرية أي أقرب أوقات كون كلامك من الخبر أبعدها.
ويحتمل أن يكون أبعد منصوبا على الحالية سادا مسد الخبر كما في قولهم :
أخطب ما يكون الأمير قائما ، على اختلافهم في تقدير مثله كما هو مذكور في محله.
قال الرضي رضياللهعنه في شرحه على الكافية بعد نقل الأقوال في ذلك : واعلم أنه يجوز رفع الحال الساد مسد الخبر عن أفعل المضاف إلى « ما » المصدرية الموصولة بكان أو يكون ، نحو أخطب ما يكون الأمير قائم ، هذا عند الأخفش والمبرد ، ومنعه سيبويه والأولى جوازه ، لأنك جعلت ذلك الكون أخطب مجازا فجاز جعله قائما أيضا ، ثم قال : ويجوز أن يقدر في أفعل المذكور زمان مضاف إلى ما يكون لكثرة وقوع ما المصدرية مقام الظرف ، نحو قولك : ما ذرّ شارق (١) فيكون التقدير أخطب ما يكون الأمير قائم ، أي أوقات كون الأمير ، فتكون قد جعلت الوقت أخطب وقائما كما يقال : نهاره صائم وليله قائم ، انتهى.
وعلى التقادير : المراد بيان بعد كلامه عن الأثر وأن كلما يزعمه أقرب إلى الخبر فهو أبعد منه ، وقال بعض الأفاضل : أي تتكلم وكلامك أقرب ما يكون من الخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أبعد ما يكون منه ، أي مشتمل عليهما تمزج الحق القريب
__________________
(١) ذرّ : بمعنى طلع والشارق : الشمس.