فلا يقال الله مؤتلف ولا الله قليل ولا كثير ولكنه القديم في ذاته لأن ما سوى الواحد متجزئ والله واحد لا متجزئ ولا متوهم بالقلة والكثرة وكل متجزئ أو متوهم بالقلة والكثرة فهو مخلوق دال على خالق له فقولك إن الله قدير ـ خبرت أنه لا يعجزه شيء فنفيت بالكلمة العجز وجعلت العجز سواه وكذلك قولك عالم إنما نفيت بالكلمة الجهل وجعلت الجهل سواه وإذا أفنى الله الأشياء أفنى الصورة والهجاء والتقطيع ولا يزال من لم يزل عالما.
______________________________________________________
المتجزى بواحد ، وقوله عليهالسلام : فقولك إن الله قدير ، بيان لحال توصيفه سبحانه بالصفات كالقدرة والعلم ، وأن معانيها مغايرة للذات ، فمعنى قولك : أن الله قدير خبرت بهذا القول إنه لا يعجزه شيء ، فمعنى القدرة فيه نفي العجز عنه لا صفة وكيفية موجودة ، فجعلت العجز مغايرا له منفيا عنه ، ونفي المغاير للشيء مغاير له كالمنفي عنه ، وكذا العلم وسائر الصفات.
وقوله عليهالسلام : فإذا أفنى الله الأشياء استدلال على مغايرته تعالى للأسماء وهجائها وتقطيعها ، والمعاني الحاصلة منها من جهة النهاية ، كما أن المذكور سابقا كان من جهة البداية.
والحاصل أن علمه تعالى ليس عين قولنا عالم ، وليس اتصافه تعالى به متوقفا على التكلم بذلك ، وكذا الصور الذهنية ليست عين حقيقة ذاته وصفاته تعالى ، وليس اتصافه تعالى بالصفات متوقفا على حصول تلك الصور إذ بعد فناء الأشياء تفنى تلك الأمور مع بقائه تعالى متصفا بجميع الصفات الكمالية ، كما أن قبل حدوثها كان متصفا بها ، وهذا الخبر مما يدل على أنه سبحانه يفنى جميع الأشياء قبل القيامة.
ثم اعلم أن المقصود بما ذكر في هذا الخبر وغيره من أخبار البابين هو نفي تعقل كنه ذاته وصفاته تعالى ، وبيان أن صفات المخلوقات مشوبة بأنواع النقص والعجز والله تعالى متصف بها ، معرى عن جهات النقص والعجز ، كالسمع فإنه فينا العلم بالمسموعات بالحاسة المخصوصة ، ولما كان توقف علمنا على الحاسة لعجزنا وكان حصولها لنا من