النشوء منها والعقل والشهوة للسفاد والحدب على نسلها وإقام بعضها على بعض ونقلها الطعام والشراب إلى أولادها في الجبال والمفاوز والأودية والقفار فعلمنا أن خالقها لطيف بلا كيف وإنما الكيفية للمخلوق المكيف وكذلك سمينا ربنا قويا لا بقوة البطش المعروف من المخلوق ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه ولاحتمل الزيادة وما احتمل الزيادة احتمل النقصان وما كان ناقصا
______________________________________________________
وإقام بعضها ، الإقام مصدر بمعنى الإقامة كقوله تعالى « أَقامَ الصَّلاةَ » (١) حذفت التاء المعوضة عن العين [ الساقطة من إقوام ] وأقيمت الإضافة مقامها ، ويمكن عطف هذه الفقرة على علمه وعلى المعلومات ، والفقرات الآتية تؤيد الثاني ، والقفار جمع القفر وهو مفازة لا نبات فيها ولا ماء.
قوله عليهالسلام : لوقع التشبيه ... قال بعض الأفاضل : أبطل كون قوته قوة البطش المعروف من المخلوقين بوجهين :
« أحدهما » لزوم وقوع التشبيه وكونه ماديا مصورا بصورة المخلوق « وثانيهما » لزوم كونه سبحانه محتملا للزيادة لأن الموصوف بمثل هذه الكيفية لا بد لها من مادة قابلة لها متقومة بصورة جسمانية ، موصوفة بالتقدر بقدر ، والتناهي والتحدد بحد لا محالة فيكون لا محالة حينئذ موصوفا بالزيادة على ما دونه من ذوي الأقدار وكل موصوف بالزيادة الإضافية موصوف بالنقصان الإضافي لوجهين :
« أحدهما » أن المقادير الممكنة لأحد لها تقف عنده في الزيادة ، كما لأحد لها في النقصان ، فالمتقدر بمقدار متناه يتصف بالنقص الإضافي بالنسبة إلى بعض الممكنات ، وإن لم يدخل في الوجود.
« وثانيهما » أنه يكون حينئذ لا محالة موصوفا بالنقص الإضافي بالنسبة إلى مجموع الموصوف بالزيادة الإضافية ، والمقيس إليه ، فيكون أنقص من مجموعهما ، وما كان ناقصا بالنسبة إلى غيره من الممكنات لا يكون قديما واجب الوجود لذاته
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٧٣.