٢ ـ محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن سدير الصيرفي قال سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عز وجل : « بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » (١) قال أبو جعفر عليهالسلام إن الله عز وجل ابتدع الأشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله فابتدع السماوات والأرضين ولم يكن قبلهن سماوات ولا أرضون أما تسمع لقوله تعالى : « وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ » (٢).
فقال له حمران أرأيت قوله جل ذكره : « عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً » (٣) فقال أبو جعفر عليهالسلام : « إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ » وكان والله محمد ممن
______________________________________________________
الحديث الثاني : مجهول ، « بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » البديع فعيل بمعنى مفعل أي مبدعهما ، أو بمعنى المفعول فالوصف بحال متعلق الموصوف ، أي مبدع سماواته وأرضه ، قال الفيروزآبادي : البديع المبتدع والمبتدع ، وبدعه كمنعه أنشأه كابتدعه « بعلمه » أي كما يقتضيه العلم بالمصلحة بلا استعانة بمثال كان قبله أي قبل الابتداع ، ولم يكن قبلهن سماوات ولا الأرضون لينشئهما ويضعهما على مثالهما « أما تسمع » استدلال بابتداع السماوات والأرضين بقوله تعالى : « وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ » إذ لو كان حينئذ سماء وأرض لكان عرشه عليهما ، وهذا صريح في حدوث السماوات والأرضين بل جميع الأشياء « أرأيت » أي أخبرني.
« عالِمُ الْغَيْبِ » أي هو عالم الغيب والضمير لقوله : ربي ، في قوله قبل ذلك « أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً » والغيب ما غاب عن الشخص إما باعتبار زمان وقوعه كالأشياء الماضية والآتية ، أو باعتبار مكان وقوعه كالأشياء الغائبة عن حواسنا في وقتنا ، وإما باعتبار خفائه في نفسه كالقواعد التي ليست ضروريات ولا مستنبطة منها بالفكر ، وضد الغيب الشهادة « فَلا يُظْهِرُ » أي لا يطلع « عَلى غَيْبِهِ أَحَداً » من عباده « إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ » قال الطبرسي : يعني الرسل ، فإنه يستدل على نبوتهم بأن يخبروا بالغيب ليكون آية معجزة لهم ، ومعناه من ارتضاه واختاره للنبوة والرسالة ،
__________________
(١) سورة الأنعام : ١٠١.
(٢) سورة هود : ٩.
(٣) سورة الجن : ٢٧.