قال قلت جعلت فداك ما أقل هذا فقال يا سدير ما أكثر هذا أن ينسبه الله عز وجل إلى العلم الذي أخبرك به يا سدير فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل أيضا « قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ » قال قلت : قد قرأته جعلت فداك قال أفمن عنده علم الكتاب كله أفهم أم من عنده علم الكتاب بعضه قلت لا بل من عنده علم الكتاب كله قال فأومأ بيده إلى صدره وقال :
______________________________________________________
« ما أكثر » لعل هذا رد لما يفهم من كلام سدير من تحقير العلم الذي أوتى آصف عليهالسلام بأنه وإن كان قليلا بالنسبة إلى علم كل الكتاب فهو في نفسه عظيم كثير لانتسابه إلى علم الذي أخبرك بعد ذلك برفعة شأنه ويحتمل أن يكون هذا مبهما يفسره ما بعده ويكون الغرض بيان وفور علم من نسبه الله إلى مجموع علم الكتاب ولعل الأول أظهر ، وأظهر منهما ما في البصائر حيث روي عن إبراهيم بن هشام عن محمد بن سليمان وفيه « ما أكثر هذا لمن لم ينسبه ».
وبهذا السند في البصائر « لمن ينسبه » والظاهر أنه سقطت كلمة « لم » والمعنى حينئذ بين ، وعلى التقادير يقرأ أخبرك على صيغة المتكلم ، ويمكن أن يقرأ على ما في الكتاب بصيغة الغيبة أي أخبرك الله بأنه أتى بعرش بلقيس في أقل من طرفة عين.
وحاصل الجواب أحد وجهين : الأول ، أن يكون الغرض بيان عدم المنافاة بين أن يخفى الله عليهم في وقت من الأوقات لبعض المصالح بعض الأمور الجزئية ، وبين أن يكونوا متهيئين لعلم كل الكتاب إذا أراد الله تعالى لهم ذلك ، أو يكونوا محتاجين إلى مراجعة لتحصيل بعض العلوم ولا يكون لهم جميع العلوم بالفعل.
والثاني : أن يكون الغرض بيان أن ما ذكره عليهالسلام أولا كان للتقية من المخالفين أو من ضعفاء العقول من الشيعة ، لئلا ينسبوهم إلى الربوبية ولعله أظهر وأرفق بسائر الأخبار ، وعلى التقادير فيه دلالة على أن الجنس المضاف يفيد العموم ،
___________________
(١) سورة الرعد : ٤٣.