______________________________________________________
تعيين بعض الأمور كالزيادة في ركعات الفرائض وتعيين النوافل من الصلاة والصيام ، وطعمة الجد ، وغير ذلك مما سيأتي بعضها في هذا الكتاب إظهارا لشرفه وكرامته عنده ، ولم يكن أصل التعيين إلا بالوحي ، ولا الاختيار إلا بالإلهام ، ثم كان يؤكد ما اختاره صلىاللهعليهوآلهوسلم بالوحي ، ولا فساد في ذلك عقلا ، وقد دلت النصوص المستفيضة عليه ، وظاهر الكليني وأكثر المحدثين القول به ، والصدوق (ره) وإن أوهم كلامه نفي ذلك يمكن تأويله بما يرجع إلى نفي المعنى الأول ، لأنه قد أورد في كتبه أكثر الأخبار الدالة على المعنى الثاني ، لا سيما في كتاب علل الشرائع ، ولم يردها ولم يتعرض لتأويلها وقال في الفقيه : وقد فوض الله عز وجل إلى نبيه أمر دينه ولم يفوض إليه تعدى حدوده.
الثالث : تفويض أمور الخلق إليهم من سياستهم وتأديبهم وتكميلهم وتعليمهم وأمر الخلق بإطاعتهم فيما أحبوا وكرهوا وفيما علموا جهة المصلحة فيه وما لم يعلموا وهو المراد بهذا الخبر ، وهذا معنى حق دلت عليه الآيات والأخبار وأدلة العقل.
الرابع : تفويض بيان العلوم والأحكام إليهم بما أرادوا ورأوا المصلحة فيها بسبب اختلاف عقولهم وإفهامهم ، أو بسبب التقية فيفتون بعض الناس بالأحكام الواقعية ، وبعضهم بالتقية ، ويسكتون عن جواب بعضهم للمصلحة ، ويجيبون في تفسير الآيات وتأويلها وبيان الحكم والمعارف بحسب ما يحتمله عقل كل سائل (١) كما سيأتي ، ولهم أن يجيبوا ولهم أن يسكتوا كما ورد في أخبار كثيرة : عليكم المسألة وليس علينا الجواب ، كل ذلك بحسب ما يريهم الله من مصالح الوقت كما سيأتي في خبر ابن أشيم وغيره.
ولعل تخصيصه بالنبي والأئمة صلوات الله عليه وعليهم لعدم تيسر هذه التوسعة لسائر الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام ، بل كانوا مكلفين بعدم التقية في بعض الموارد وإن أصابهم الضرر ، وإن كانوا مكلفين بأن يكلموا الناس على قدر عقولهم ، والتفويض بهذا المعنى أيضا حق ثابت بالأخبار المستفيضة ، وتشهد له الأدلة العقلية أيضا.
__________________
(١) وفي بعض النسخ « بحسب ما يحتمله عقلهم ».