وعندنا قوم يزعمون أنكم رسل يقرءون علينا بذلك قرآنا ـ « يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ » (١) فقال يا سدير سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاء براء وبرئ الله منهم ورسوله ما هؤلاء على ديني ولا على دين آبائي والله لا يجمعني الله وإياهم ـ يوم القيامة إلا وهو ساخط عليهم قال قلت فما أنتم قال نحن خزان علم الله نحن تراجمة أمر الله نحن قوم معصومون أمر الله تبارك وتعالى بطاعتنا ونهى عن معصيتنا نحن الحجة البالغة على من دون السماء وفوق الأرض.
______________________________________________________
الذي هو إله في السماء وإله في الأرض ، أي مستحق لأن يعبد فيهما أو الإله بمعنى الخالق ، أي هو الخالق فيهما.
قوله : يقرءون علينا بذلك قرآنا ، لعل مناط استدلالهم بها توهم أن المراد بالرسل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة عليهمالسلام بناء على زعمهم أن هذا الخطاب كسائر الخطابات القرآنية متوجه إلى الموجودين ، وإلى من سيوجد تبعا ، والجواب أنه يمكن أن يكون الخطاب متوجها إلى الموجود وإلى من مضى تبعا بل على زعمهم يمكن أن يكون إطلاق الرسل عليهم على التغليب الشائع ، وذكر المفسرون أنه نداء وخطاب لجميع الأنبياء لا على أنهم خوطبوا بذلك دفعة لأنهم أرسلوا في أزمنة مختلفة ، بل على معنى أن كلا منهم خوطب به في زمانه ، وفيه تنبيه على أن الأمر بأكل الطيبات لم يكن له خاصة ، بل كان لجميع الأنبياء ، وحجة على رفض أكلها تقربا إلى الله تعالى ، وقيل : النداء له صلىاللهعليهوآلهوسلم والجمع للتعظيم ، والطيبات يحتمل المستلذات أو المحللات ، فإنهم لا يرتكبون المحرمات والشبهات ، ولذا ورد أن الحلال قوت المصطفين.
والتراجمة بفتح التاء وكسر الجيم جمع الترجمان ، أي المفسرون لأوامر الله النازلة في القرآن أو الأعم.
« نحن الحجة البالغة » أي الكاملة ، إشارة إلى قوله تعالى « فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ». (٢)
__________________
(١) سورة المؤمنون : ٥١.
(٢) سورة الأنعام : ١٤٩.