______________________________________________________
ويمكن أن يجاب عنه بوجوه : « الأول » ما قيل : أن العلم ليس ما يحصل بالسماع وقراءة الكتب وحفظها ، فإن ذلك تقليد وإنما العلم ما يفيض من عند الله سبحانه على قلب المؤمن يوما فيوما وساعة فساعة ، فيكشف به من الحقائق ما تطمئن به النفس وينشرح له الصدر ، ويتنور به القلب ، والحاصل أن ذلك مؤكد ومقرر لما علم سابقا يوجب مزيد الإيمان واليقين والكرامة والشرف بإفاضة العلم عليهم بغير واسطة المرسلين والنبيين ، بل بغير توسط الملائكة أيضا.
الثاني : أن يفيض عليهمالسلام تفاصيل التي عندهم مجملاتها وإن أمكنهم إخراج التفاصيل مما عندهم من أصول العلم وموادة.
الثالث : أن يكون مبنيا على البداء ، فإن فيما علموا سابقا ما يحتمل البداء والتغيير ، فإذا ألهموا بما غير من ذلك بعد الإفاضة على أرواح من تقدم من الحجج أو أكد ما علموا بأنه حتمي لا يقبل التغير كان ذلك أقوى علومهم وأشرفها.
الرابع : ما خطر بالبال ولعله أقوى الوجوه وهو أنه يلوح من فحاوي الأخبار الكثيرة أنهم عليهمالسلام في جميع النشأة أي قبل حلول أرواحهم المطهرة في الأجساد المقدسة ، وبعد حلولها فيها ، وبعد مفارقتها الأبدان وعروجها إلى عالم القدس ، لهم ترقيات في المعارف الربانية ودرجات الكمال ، ولا يزالون سائرون على معارج القرب والوصال ، وغائصون في بحار أنوار معرفة ذي الجلال ، إذ لا غاية لمدارج عرفانه وحبه وقربه تعالى ، وبين درجة الربوبية ودرجات العبودية منازل لا تحصى ، فإذا عرفت ذلك فإنهم إذا تعلموا في بدو إمامتهم من الإمام السابق قدرا من العلوم والمعارف ، فلا محالة هم لا يقفون في تلك المرتبة ويحصل لهم بسبب مزيد القرب والطاعات زوائد العلوم والحكم والترقيات ، وكيف لا يحصل لهم مع حصوله لسائر الخلق مع نقص قابلياتهم واستعداداتهم ، فهم عليهمالسلام بذلك أولى وأحرى ، فيمكن أن يكون هذا هو المراد بما يحصل آنا فآنا وساعة فساعة في الليل والنهار.