الله يقول في كتابه « وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى » (١) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان وتحيا به الموتى ونحن نعرف الماء تحت الهواء وإن في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر إلا أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون جعله الله لنا في أم
______________________________________________________
في بطن الأرض لا يرى الفخ في التراب حيث يأخذ بعنقه؟ قال أبو عبد الله عليهالسلام : يا نعمان أما علمت أنه إذا نزل القدر أغشى البصر.
« وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً » قال البيضاوي : شرط حذف جوابه ، والمراد منه تعظيم شأن القرآن أو المبالغة في عناد الكفرة وتصميمهم ، أي ولو أن كتابا زعزعت به الجبال عن مقارها لكان هذا القرآن ، لأنه الغاية في الإعجاز ، والنهاية في التذكير والإنذار ولما آمنوا به كقوله : « وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ » (٢) الآية ، وقيل : إن قريشا قالوا : يا محمد إن سرك أن نتبعك فسير بقرآنك الجبال عن مكة حتى تتسع لنا فنتخذ فيها بساتين وقطائع ، أو سخر لنا الريح لنركبها ونتجر إلى الشام ، أو ابعث لنا به قصي بن كلاب وغيره من آبائنا ليكلمونا فيك ، فنزلت ، وعلى هذا فتقطيع الأرض قطعها بالسير.
وقيل : الجواب متقدم وهو قوله : « وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ » وما بينهما اعتراض ، وتذكير « كُلِّمَ » خاصة لاشتمال « الْمَوْتى » على المذكر الحقيقي ، انتهى.
وأقول : حمل عليهالسلام تقطيع الأرض على قطعها بطي الأرض في مسافة قليلة ، وحاصل الكلام أنا إذا عرفنا القرآن الذي شأنه هذا فلا يخفى علينا شيء ، وكان سليمان يخفى عليه ما يعلمه طير فنحن أعلم منه ومن غيره.
وما قيل : من أن الغرض من ذكر قصة سليمان أنه إذا جاز أن يخفى على سليمان ما لم يخف على طير فأي استبعاد في أن يخفى عليه ما لم يخف علينا ، فلا يخفى بعده وركاكته.
« ما يراد بها أمر » أي في القرآن أسماء من أسماء الله العظام إذا قرأناها لحصول
__________________
(١) سورة الرعد : ٣١.
(٢) سورة الأنعام : ١١١.