بينهما حتى يوردهما علي الحوض فأعطاني ذلك وقال لا تعلموهم فهم أعلم منكم
______________________________________________________
وهذا الخبر من المتواترات لم ينكره أحد من المخالفين عند الاحتجاج عليهم ، كقاضي القضاة وغيرهم من المتعصبين ، بل تكلموا في الدلالة على الإمامة وذكر ألفاظه اللغويون ، قال ابن الأثير في النهاية : في الحديث : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ، سماهما ثقلين لأن الأخذ بهما ثقيل ، ويقال لكل خطير نفيس ثقل ، فسماهما ثقلين إعظاما لقدرهما ، وتفخيما لشأنهما.
وقال الطيبي في شرح المشكاة : سميا ثقلين إذ يستصلح الدين بهما ، ويعمر كما عمرت الدنيا بالثقلين ، أو لأن الأخذ بهما عزيمة ، انتهى.
وأما الاستدلال بها على إمامة الأئمة عليهمالسلام ، فقال الشيخ المفيد قدس الله روحه لا يكون شيء أبلغ من قول القائل : قد تركت فيكم فلانا ، كما يقول الأمير إذا خرج من بلده واستخلف من يقوم مقامه لأهل البلد : قد تركت فيكم فلانا يرعاكم ويقوم فيكم مقامي ، وكما يقول من أراد الخروج عن أهله وأراد أن يوكل عليهم وكيلا يقوم بأمرهم : قد تركت فيكم فلانا فاسمعوا له وأطيعوا ، فإذا كان ذلك كذلك فهو النص الجلي الذي لا يحتمل غيره ، إذ خلف في جميع الخلق أهل بيته وأمرهم بطاعتهم والانقياد لهم بما أخبر به عنهم من العصمة ، وأنهم لا يفارقون الكتاب ولا يتعدون الحكم بالصواب.
ونقل السيد ـ رضياللهعنه ـ في الشافي عن صاحب المغني أنه اعترض على الاستدلال بهذا الحديث وحديث السفينة وأمثالهما على الإمامة بأن هذا إنما يدل على أن إجماع العترة لا يكون إلا حقا ، لأنه لا يخلو من أن يريد صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك جملتهم أو كل واحد منهم ، وقد علمنا أنه لا يجوز أن يريد بذلك إلا جملتهم ، لأن الكلام يقتضي الجمع ، ولأن الخلاف قد يقع بينهم على ما علمناه من حالهم ، ولا يجوز أن يكون في شيء وضده ، وقد ثبت اختلافهم فيما هذا حاله ، ولا يجوز أن يقال إنهم مع الاختلاف لا يفارقون الكتاب ، وذلك يبين أن المراد به أن ما أجمعوا عليه يكون حقا حتى