موسى بن جعفر عليهالسلام فحكى له هشام الحكاية فلما فرغ قال أبو الحسن عليهالسلام لبريه :
______________________________________________________
الكتاب « بريهة ».
روى الصدوق بإسناده عن هشام بن الحكم عن جاثليق من جثالقة النصارى يقال له : بريهة ، قد مكث جاثليق في النصرانية سبعين سنة ، وكان يطلب الإسلام ويطلب من يحتج عليه ممن يقرأ كتبه ، ويعرف المسيح بصفاته ودلائله وآياته ، قال : وعرف بذلك حتى اشتهر في النصارى والمسلمين واليهود والمجوس ، حتى افتخرت به النصارى وقالت : لو لم يكن في دين النصرانية إلا بريهة لأجزأنا ، وكان طالبا للحوق الإسلام مع ذلك ، وكانت له امرأة تخدمه طال مكثها معه ، وكان يسر إليها ضعف النصرانية وضعف حجتها ، قال : فعرفت ذلك منه فضرب بريهة الأمر ظهر البطن وأقبل يسأل عن أئمة المسلمين وعن صلحائهم وعلمائهم وأهل الحجى منهم ، وكان يستقرئ فرقة لا يجد عند القوم شيئا ، وقال : لو كانت أئمتكم حقا لكان عندكم بعض الحق ، فوصفت له الشيعة ووصفت له هشام بن الحكم.
فقال يونس بن عبد الرحمن : فقال لي هشام : بينما أنا على دكاني على باب الكرخ جالس وعندي قوم يقرءون على القرآن ، فإذا أنا بفوج النصارى معه ما بين القسيسين إلى غيرهم من مائة رجل ، عليهم السوار والبرانس (١) والجاثليق الأكبر فيهم بريهة ، حتى بركوا حول دكاني ، وجعل لبريهة كرسي فجلس عليه ، فقامت الأساقفة والرهابنة على عقبهم وعلى رؤوسهم برانسهم ، فقال بريهة : ما بقي في المسلمين أحد ممن يذكر بالعلم بالكلام إلا وقد ناظرته بالنصرانية فما عندهم شيء ، وقد جئت أناظرك في الإسلام. قال : فضحك هشام وقال : يا بريهة إن كنت تريد مني آيات كآيات المسيح فليس أنا بالمسيح ولا مثله ولا أدانيه ، ذاك روح طيبة خميصة (٢) مرتفعة ، آياته ظاهرة وعلاماته قائمة ، قال بريهة ، فأعجبني الكلام والوصف ثم سأل هشاما عن مسائل وأجابه ، وسأله هشام عن مسائل من دين النصرانية عجز عن جوابها وتحير فيها ، و
__________________
(١) البرنس : قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر الإسلام.
(٢) أي خالية من الرذائل والكدورات.