______________________________________________________
فاجتمع قوم وقالوا : يريد محمد أن يجعل الإمامة في أهل بيته ، فخرج منهم أربعة ودخلوا إلى مكة ودخلوا الكعبة وكتبوا فيما بينهم إن أمات الله محمدا أو قتل لا يرد هذا الأمر في أهل بيته فأنزل الله تعالى : « أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ، أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ » (١).
وأذن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالرحيل نحو المدينة فارتحلنا ، فنزل جبرئيل بضجنان (٢) بإعلان علي عليهالسلام فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى نزل الجحفة فلما نزل القوم وأخذوا منازلهم أتاه جبرئيل فأمره أن يقوم بعلي عليهالسلام فقال : يا رب إن قومي حديثو عهد بالجاهلية فمتى أفعل هذا يقولوا فعل بابن عمه.
فلما سار من الجحفة هبط جبرئيل فقال : اقرء « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ » (٣) الآية ، وقد بلغنا غدير خم في وقت لو طرح اللحم فيه على الأرض لانشوى (٤) وانتهى إلينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فنادى : الصلاة جامعة ولقد كان أمر على أعظم عند الله مما يقدر ، فدعا المقداد وسلمان وأبا ذر وعمارا فأمرهم أن يعمدوا إلى أصل شجرتين فيقموا ما تحتهما فكسحوه (٥) وأمرهم أن يضعوا الحجارة بعضها على بعض كقامة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمرهم بثوب فطرح عليه ثم صعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المنبر ينظر يمنة ويسرة ينتظر اجتماع الناس إليه.
فلما اجتمعوا قال : الحمد لله الذي علا في توحده ودنا في تفرده ، إلى أن قال : أقر له على نفسي بالعبودية ، وأشهد له بالربوبية ، وأؤدي ما أوحى إلى حذار إن لم أفعل أن تحل بي قارعة (٦) أوحى إلى : « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ
__________________
(١) سورة الزخرف : ٧٩.
(٢) قال الجزري : ضجنان : موضع أو جبل بين مكّة والمدينة.
(٣) سورة المائدة : ٦٧.
(٤) شوى اللحم : عرضه للنار فنضج ، وانشوى مطاوع شوى.
(٥) قمّ البيت : كنسه. والكسح أيضا بمعناه.
(٦) القارعة : الداهية. النكبة : المهلكة.