يا بريه كيف علمك بكتابك قال أنا به عالم ثم قال كيف ثقتك بتأويله قال ما أوثقني بعلمي فيه قال فابتدأ أبو الحسن عليهالسلام يقرأ الإنجيل فقال بريه إياك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك قال فآمن بريه وحسن إيمانه وآمنت المرأة التي كانت معه.
فدخل هشام وبريه والمرأة على أبي عبد الله عليهالسلام فحكى له هشام الكلام الذي
______________________________________________________
إن تؤمن ترشد ، وإن تتبع الحق لا تؤنّب (١).
ثم قال هشام : يا بريهة ما من حجة أقامها الله على أول خلقه إلا أن أقامها على وسط خلقه وآخر خلقه ، فلا تبطل الحجج ، ولا تذهب الملل ، ولا تذهب السنن ، قال بريهة : ما أشبه هذا بالحق ، وأقربه من الصدق ، وهذه صفة الحكماء يقيمون من الحجة ما ينفون به الشبهة ، قال هشام : نعم ، فارتحلا حتى أتيا المدينة والمرأة معهما ، وهما يريدان أبا عبد الله عليهالسلام ، فلقيا موسى بن جعفر عليهماالسلام فحكى له هشام الحكاية فلما فرغ قال موسى بن جعفر عليهالسلام : يا بريهة كيف علمك بكتابك؟ قال : أنا به عالم ، قال : كيف ثقتك بتأويله؟ قال : ما أوثقني بعلمي به ، قال : فابتدأ موسى بن جعفر عليهالسلام بقراءة الإنجيل ، قال بريهة : والمسيح لقد كان المسيح يقرأها هكذا ، وما قرأ هذه القراءة إلا المسيح ثم قال بريهة : إياك كنت أطلب ، وساق الحديث مثل ما في المتن إلى آخره.
ثم قال : فلزم بريهة أبا عبد الله عليهالسلام حتى مات أبو عبد الله عليهالسلام ، ثم لزم موسى بن جعفر عليهالسلام حتى مات في زمانه ، فغسله بيده وكفنه بيده ولحده بيده ، وقال : هذا حواري من حواريي المسيح يعرف حق الله عليه ، قال : فتمنى أكثر أصحابه أن يكونوا مثله.
قوله : أنا به عالم ، تقديم الظرف لإفادة الحصر الدال على كمال العلم به « كيف ثقتك بتأويله » أي كيف اعتمادك على نفسك في تأويله والعلم بمعانيه « ما أوثقني » صيغة تعجب أي أنا واثق وثوقا تاما بما أعرف من تأويله « أو مثلك » أي كنت أطلبك أو من
__________________
(١) التأنيب : الملامة.