علم مكنون أما وصيتي فأن لا تشركوا بالله جل ثناؤه شيئا ومحمدا صلىاللهعليهوآله فلا تضيعوا
______________________________________________________
عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مدة حياته أو بالفحص والتفرس من قرائن أحواله في سائر أوقاته مع الناس ، و « مكنون هذا الأمر » أي المستور من خصوصيات هذا الأمر ، والمستور الذي هو هذا الأمر ، فالمشار إليه شيء مستور متعلق بوفاته عليهالسلام ، و « هيهات » أي بعد الاطلاع عليه ، فإنه علم مخزون ، ومن خواص المخزون ستره والمنع من أن يناله أحد.
الثاني : أن يكون المراد بهذا الأمر إخفاء الحق ومظلومية أهله وظهور الباطل وغلبة أصحابه وكثرة أعوانه ، لأنه عليهالسلام سعى في أول الأمر في أخذ حقه غاية السعي فلم يتيسر وجرت أمور لم يكن يخطر ببال أحد وقوع مثله ، وفي آخر الأمر لما انتهى إليه وحصل له الأنصار والأعوان ، وجاهد في الله حق الجهاد ، وغلب على المنافقين سنحت فتنة التحكيم التي كانت من غرائب الأمور ، ثم بعد ذلك لما جمع العساكر وأعاد الخروج إليهم وقعت الطامة الكبرى ، فالمراد بالمكنون سر ذلك وسببه ، فظهر لي وأبى الله إلا إخفائه عنكم لضعف عقولكم عن فهمه ، إذ هي من غوامض مسائل القضاء والقدر.
الثالث : ما ذكره بعض أفاضل المعاصرين حيث قرأ أطردت على صيغة المعلوم من باب الأفعال يقال : أطرد الشيء إذا تبع بعضه بعضا وجرى ، والأنهار أطردت أي جرت ، وقال : وهذا الأمر إشارة إلى الأجل ومكنونه لمه وسره من المصالح التي جعل الله الآجال كلا في وقته بسببها ، وهو مخالف لما هو المضبوط في نسخ نهج البلاغة فإن أطردت فيها على نسخة المتكلم من باب الأفعال ، والأوسط أحسن الوجوه.
وفي النهج « علم مخزون (١) » ومحمدا منصوب بالإغراء بتقدير ألزموا والفاء للتفريع وفي النهج أما وصيتي فالله لا تشركوا به شيئا ، ومحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا تضيعوا سنته يقال : ضيع الشيء تضييعا أي أهمله ، وعمود الفسطاط والبيت : الخشبة التي يقوم بها ،
__________________
(١) أي بدل « علم مكنون ».