فقلت قد جمعتهم لي بأبي وأمي فأيهم هو فقال هو الذي ينظر بنور الله عز وجل ويسمع بفهمه وينطق بحكمته يصيب فلا يخطئ ويعلم فلا يجهل معلما حكما وعلما هو هذا وأخذ بيد علي ابني ثم قال ما أقل مقامك معه فإذا رجعت من سفرك فأوص وأصلح أمرك وافرغ مما أردت فإنك منتقل عنهم ومجاور غيرهم فإذا أردت فادع عليا فليغسلك وليكفنك فإنه طهر لك ولا يستقيم
______________________________________________________
هذه الشهادة منه عليهالسلام من قبل الله وبأمره « فأيهم هو » لعل هذا السؤال لزيادة الاطمئنان كما قال إبراهيم عليهالسلام : « وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي » (١) أو أراد عليهالسلام أن يعين النبي صلىاللهعليهوآله له كما عين أمير المؤمنين عليهالسلام ليخبر الناس بتعيينهما إياه ، ويحتمل أن يكون هذا تفصيلا لما أجمل سابقا.
« ينظر بنور الله » أي ينظر بعينه وبقلبه بالنور الذي جعله الله فيهما ، والباء للآلة كما قال النبي صلىاللهعليهوآله : اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ، وهذا إشارة إلى ما يظهر له من الأسرار والمعارف بتوسط روح القدس وبالإلهام وغيرهما « ويسمع بفهمه » إلى ما سمعه من آبائه « فلا يجهل » أي شيئا مما يحتاج إليه الأمة « معلما » اسم مفعول من باب التفعيل إيماء إلى قوله تعالى : « وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً » (٢).
« فإذا رجعت » أي إلى المدينة « من سفرك » أي الذي تريده أو أنت فيه ، وهو السفر إلى مكة « فإذا أردت » يعني الوصية وقيل : أي مفارقتهم في السفر الأخير متوجها من المدينة إلى بغداد ، والأول أظهر لأن السفر لم يكن باختياره عليهالسلام وبعد أخذهم له حبسوه ولم يكن له مجال هذه الأمور ، ويمكن أن يقرأ أردت على بناء المجهول أي أرادك الرشيد لأن يأخذك.
« فإنه طهر لك » أي تغسيله لك في حياتك طهر لك ، وقائم مقام غسلك من غير حاجة إلى تغسيل آخر بعد موتك « ولا يستقيم إلا ذلك » أي لا يستقيم تطهيرك
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٠٦.
(٢) سورة الأنبياء : ٧٩.