كما كانت أسرع من طرفة عين ونحن عندنا من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا وحرف واحد عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب عنده ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
______________________________________________________
وربما يستشكل في ذلك بوجهين : « الأول » كيف يمكن تحقق تلك الحركة في هذا الزمان القليل؟ « والثاني » أنه على تقدير جوازه كيف لم تخرب الأبنية والمساكن الواقعة فيما بين المكانين؟
والجواب عن الأول أن الحركة قابلة للسرعة إلى غير النهاية ، مع أن الحركة أسرع من ذلك واقعة ، فإن كل جزء من فلك الأفلاك يتحرك في مقدار ذلك الزمان آلاف فرسخ ، وجبرئيل يتحرك من العرش إلى الأرض عند المسلمين في مثل ذلك الزمان ولا نسبة بين المسافتين ، فهذا محض استبعاد.
وعن الثاني أن هذه الحركة تحتمل وجوها : « الأول » أن يكون تحرك السرير في الهواء حتى نزل على سليمان ، وهذا مخالف للأخبار « الثاني » أن يكون تحركت الأرض التي عليها السرير إلى المكان الذي عليها سليمان عليهالسلام ، بأن يكون انخسف ما بينهما حتى التقت قطعا الأرض « الثالث » أن تكون الحركة في جوف الأرض بأن يكون الله تعالى خرق الأرض وحرك السرير أو الأرض التي هو عليها حتى خرج السرير من تحت مجلس سليمان « الرابع » أن يكون بتكاثف بعض أجزاء الأرض وتخلخل بعضها.
فبعض الروايات ظاهرة في الثاني ، وبعضها في الثالث ، وعلى الثالث لا يرد الإيراد الثاني أصلا وعلى الثاني والرابع يمكن أن يكون الله تعالى حرك وزعزع الجبال والمساكن والأشجار الواقعة فيما بينهما يمينا وشمالا ، حتى لا تمنع حركة موضع السرير ، وظاهر هذا الخبر هو الوجه الثاني.
وقال الجوهري : « استأثر » فلان بالشيء أي استبد به « في علم الغيب » أي كائنا هو في سائر الغيوب التي تفرد بعلمها أو معه « ولا حول ولا قوة إلا بالله » أي وقوع جميع هذه الأمور بحول الله وقوته لا بقدرة العباد.