فلما جاءوا أقعدونا في البستان واصطف عمومته وإخوته وأخواته وأخذوا الرضا عليهالسلام وألبسوه جبة صوف وقلنسوة منها ووضعوا على عنقه مسحاة وقالوا له ادخل البستان كأنك تعمل فيه ثم جاءوا بأبي جعفر عليهالسلام فقالوا ألحقوا هذا الغلام بأبيه فقالوا ليس له هاهنا أب ولكن هذا عم أبيه وهذا عم أبيه وهذا عمه وهذه عمته وإن يكن له هاهنا أب فهو صاحب البستان فإن قدميه وقدميه واحدة فلما رجع أبو الحسن عليهالسلام قالوا هذا أبوه.
قال علي بن جعفر فقمت فمصصت ريق أبي جعفر عليهالسلام ثم قلت له أشهد أنك إمامي عند الله فبكى الرضا عليهالسلام ثم قال يا عم ألم تسمع أبي وهو يقول قال رسول الله صلىاللهعليهوآله بأبي ابن خيرة الإماء ابن النوبية الطيبة الفم المنتجبة الرحم
______________________________________________________
« فلما جاءوا » كلام علي بن جعفر أي جاءوا معنا من بيوتنا ، إلى موضع الحكم وهو البستان « أقعدونا » القافة أو العمومة والأخوال كما أن ضمير « أخذوا » راجع إليهم. قولهم « فإن قدميه » لعلهم رأوا نقش قدمي الرضا عليهالسلام في الطين حين دخل البستان ، فلما رجع أيقنوا أنه هو « فمصصت ريق أبي جعفر عليهالسلام » أي قبلت فاه شفقة وشوقا بحيث دخل بعض ريقه فمي ، وأعجب ممن قال : أي أشربت ونشفت بثوبي الريق بالفتح والمراد به هنا العرق من الحياء والبكاء لبغيهم حزنا ، أو لظهور الحق سرورا « وهو يقول » الواو للحال « بأبي » أي فدى بأبي وهو خبر وابن مبتدأ ، وفي بعض النسخ : يأتي (١).
والمراد بابن خيرة الإمام المهدي عليهالسلام والمراد بخيرة الإماء أم الجواد عليهالسلام فإنها أمه بواسطة لأن أمه بلا واسطة كانت بنت قيصر ولم تكن نوبية ، فضمير يقتلهم راجع إلى الابن ، وقيل : المراد به الجواد عليهالسلام وضمير يقتلهم راجع إلى الله تعالى أو مبهم يفسره قوله : وهو الطريد ، والقتل في الرجعة ، لتشفي قلوب الأئمة والمؤمنين يعذبهم سنين وشهورا وأياما بقدر زمان استيلائهم وجورهم على أئمة الحق ، وقيل : الضمير المرفوع في يقتلهم راجع إلى الأعيبس وذريته بتأويل ما ذكر ،
__________________
(١) أي بدل « بأبي ».