حوله من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش مائة وخمسون رجلا سوى مواليه وسائر الناس إذ نظر إلى الحسن بن علي قد جاء مشقوق الجيب حتى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه فنظر إليه أبو الحسن عليهالسلام بعد ساعة فقال يا بني أحدث لله عز وجل شكرا فقد أحدث فيك أمرا فبكى الفتى وحمد الله واسترجع وقال « الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » وأنا أسأل الله تمام نعمه لنا فيك و « إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » فسألنا عنه فقيل هذا الحسن ابنه وقدرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة أو أرجح فيومئذ عرفناه وعلمنا أنه قد أشار إليه بالإمامة وأقامه مقامه.
٩ ـ علي بن محمد ، عن إسحاق بن محمد ، عن محمد بن يحيى بن درياب قال دخلت على أبي الحسن عليهالسلام بعد مضي أبي جعفر فعزيته عنه وأبو محمد عليهالسلام جالس فبكى أبو محمد عليهالسلام فأقبل عليه أبو الحسن عليهالسلام فقال له إن الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفا منه فاحمد الله.
______________________________________________________
« وقال الحمد لله » عطف تفسير لما تقدم « فيك » أي في بقائك ، وفي الإرشاد :
وإياه أسأل تمامه نعمه علينا ، وهو أظهر ، ويدل على جواز شق الجيب على الأخ كما ذكره الأصحاب ، وعلى جواز البكاء عند المصيبة ، وأنه ليس بالجزع المذموم وإنما هو قول يسخط الرب ، وفعل ما نهى عنه ، والبكاء لا ينافي الرضا بالقلب « إِنَّا لِلَّهِ » إظهار للرضا وإقرار بأنا جميعا عبيده مملوكون له جار فينا حكمه وقضاؤه ، وليس لنا الاعتراض عليه فيما يفعله « وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » إقرار بالهلاك والفناء وتسلية للنفس بأنا أيضا نموت ولا نبقي في الدنيا فنجزع لموت غيرنا ، ونصل قريبا إلى من فارقناه ، وهذه أفضل كلمة تقال عند المصيبة كما دلت عليه الآية الكريمة « أو أرجح » في الإرشاد « ونحوها » وليس في إعلام الورى شيء منهما.
الحديث التاسع : مجهول « قد جعل فيك خلفا منه » الخلف بالتحريك ما يبقى بعد الشيء أي إنه وإن ذهب عنك لكن انتقل منه إليك الإمامة ، أو يكون على سبيل التجريد أي جعلك خلفا وقيل : المراد أنه جعل في صلبك عوضا منه وهو القائم عليهالسلام وهو بعيد.