فقل لهم « ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ».
فإن قالوا من الراسخون في العلم فقل من لا يختلف في علمه فإن قالوا فمن هو ذاك فقل كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صاحب ذلك فهل بلغ أو لا فإن قالوا قد بلغ فقل فهل مات صلىاللهعليهوآلهوسلم والخليفة من بعده يعلم علما ليس فيه اختلاف فإن قالوا لا فقل إن خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآله مؤيد ولا يستخلف رسول الله صلىاللهعليهوآله إلا من يحكم بحكمه وإلا من يكون مثله إلا النبوة ـ وإن كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يستخلف في علمه أحدا فقد ضيع من في أصلاب الرجال ممن يكون بعده.
فإن قالوا لك فإن علم رسول الله صلىاللهعليهوآله كان من القرآن فقل « حم. وَالْكِتابِ الْمُبِينِ. إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيها » إلى قوله « إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ » (١) فإن قالوا لك لا يرسل الله عز وجل إلا إلى نبي فقل هذا الأمر الحكيم
______________________________________________________
قوله : « فقل لهم ما يعلم تأويله » هذا إما دليل آخر سوى مناقضة كلامهم على أنهم خالفوا رسول الله أو على أصل المدعى ، وهو إثبات الإمام.
قوله عليهالسلام : « فقل من لا يختلف في علمه » لعله استدل عليه على ذلك بمدلول لفظة الرسوخ ، فإنه بمعنى الثبوت ، والمتزلزل في علمه المنتقل عنه إلى غيره ليس بثابت فيه.
قوله عليهالسلام : « فإن قالوا لك إن علم رسول الله كان من القرآن » لعل هذا إيراد على الحجة وتقريره : أن علم رسول الله لعله كان من القرآن فقط وليس مما يتجدد في ليلة القدر شيء؟ فأجاب عليهالسلام بأن الله عز وجل يقول : « فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ » فهذه الآية تدل على تجدد الفرق والإرسال في تلك الليلة المباركة بإنزال الملائكة والروح فيها من السماء إلى الأرض دائما ، ولا بد من وجود من يرسل إليه الأمر دائما.
ثم قوله : « فإن قالوا لك » سؤال آخر تقريره : أنه يلزم مما ذكرتم جواز إرسال الملائكة إلى غير النبي مع أنه لا يجوز ذلك ، فأجاب عنه بمدلول الآية التي
__________________
(١) سورة الدخان : ٢ ـ ٤.