ما هي في السنة والحكم الذي ليس فيه اختلاف وليست في القرآن أبى الله لعلمه بتلك الفتنة أن تظهر في الأرض وليس في حكمه راد لها ومفرج عن أهلها.
فقال هاهنا تفلجون يا ابن رسول الله أشهد أن الله عز ذكره قد علم بما يصيب الخلق من مصيبة في الأرض أو في أنفسهم
______________________________________________________
الذي ليس فيه اختلاف « أي الضروريات أو السنة المتواترة أو ما أجمعت عليه الأمة » وليست في القرآن أي في ظاهر القرآن وما يفهمه منه علماء الأمة إذ جميع الأحكام في القرآن ، ولكن لا يمكن استنباطه إلا للإمام « أن تظهر » أي الفتنة وهو مفعول « أبى » وقوله : « وليس في حكمه » جملة حالية والضمير في حكمه راجع إلى الله « في الأرض » أي في غير أنفسهم كالمال « أو في أنفسهم » كالدين أو القصاص ، إشارة إلى قوله تعالى : « ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ، لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ » (١).
قال البيضاوي : في الأرض كجدب وعاهة « وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ » كمرض وآفة « إِلاَّ فِي كِتابٍ » أي إلا مكتوبة في اللوح ، مثبتة في علم الله « مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها » أي نخلقها ، والضمير للمصيبة أو للأرض أو للأنفس « إِنَّ ذلِكَ » أي إن ثبته في كتاب « عَلَى اللهِ يَسِيرٌ » لاستغنائه فيه عن العدة والمدة « لِكَيْلا تَأْسَوْا » أي أثبت وكتب لئلا تحزنوا « عَلى ما فاتَكُمْ » من نعم الدنيا « وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ » بما أعطاكم الله منها ، فإن من علم أن الكل مقدر هان عليه الأمر.
ولعل حاصل كلامه عليهالسلام أنه كثيرا ما يعرض للناس شبهة في أمر من أمور الدين مما يتعلق بأنفسهم وأموالهم ، وليس في ظاهر الكتاب والسنة ما يزيل تلك الشبهة ، وهذه مصيبة عرضت لهم ، ولا بد أن تكون تلك المصيبة في علمه سبحانه قبل وقوعها ، لأن المصيبة الواقعة في الآية نكرة في سياق النفي يفيد العموم ، والمصيبة أعم من أن تكون
__________________
(١) سورة الحديد : ٢٣.