من وال فإن قالوا لا نعرف هذا فقل لهم قولوا ما أحببتم أبى الله عز وجل بعد محمد صلىاللهعليهوآله أن يترك العباد ولا حجة عليهم.
قال أبو عبد الله عليهالسلام ثم وقف فقال هاهنا يا ابن رسول الله باب غامض أرأيت إن قالوا حجة الله القرآن قال إذن أقول لهم إن القرآن ليس بناطق يأمر وينهى ولكن للقرآن أهل يأمرون وينهون وأقول قد عرضت لبعض أهل الأرض مصيبة
______________________________________________________
إِلَى النُّورِ » « ولما قلنا : من أنه لو لم يكن كذلك لكان محتاجا إلى إمام آخر » كذلك لا بد من وال أي من يلي الأمر ويتلقاه من الملائكة والروح ، ويدل الناس على الأمر الحكيم.
« فإن قالوا لا نعرف هذا » أي الوالي أو الاستدلال المذكور ونفى معرفتهم إياه نظير قوله تعالى : « قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ » (١) و « قولوا ما أحببتم » نظير قوله تعالى : « اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ » (٢) وقوله : « تَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ » (٣) وهذا الكلام متعارف بعد مكابرة الخصم « قال ثم وقف » أي ترك أبي الكلام « فقال » أي إلياس ، وقيل : ضمير وقف أيضا لا ليأس ، أي قام تعظيما والأول أظهر.
« باب غامض » أي شبهة مشكلة استشكلها المخالفون لقول عمر عند إرادة النبي الوصية : حسبنا كتاب الله ، وقيل : الغامض بمعنى السائر المشهور من قولهم : غمض في الأرض إذا ذهب وسار. « إن القرآن ليس بناطق » أي ليس القرآن بحيث يفهم منه الأحكام كل من نظر فيه ، فإن كثيرا من الأحكام ليست في ظاهر القرآن ، وما فيه أيضا تختلف فيه الأمة وكل منهم يستدل بالقرآن على مذهبه ، فظهر أن القرآن إنما يفهمه الإمام ، وهو دليل له على معرفة الأحكام ، والمراد أن القرآن لا يكفي بسياسة الأمة وإن سلم أنهم يفهمون معانيه ، بل لا بد من آمر وناه وزاجر يدعوهم إلى العمل بالقرآن ، ويحملهم عليه ، ويكون هو معصوما عاملا بجميع ما أمر به فيه منزجرا عن كل ما نهى عنه فيه.
فقوله : « وأقول قد عرضت » مشيرا إلى ما ذكرنا أولا دليل آخر والحكم
__________________
(١) سورة هود : ٩١.
(٢) سورة فصلت : ٤٠.
(٣) سورة المرسلات : ٤٦.