تدري لم هي خير من ألف شهر قال لا قال لأنها « تَنَزَّلُ » فيها « الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ » وإذا أذن الله عز وجل بشيء فقد رضيه « سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ
______________________________________________________
قوله عليهالسلام « لأنها تنزل فيها الملائكة والروح » اعلم أنه اختلف في الروح ، فروي عن ابن عباس أنه جبرئيل وبه قال أكثر المفسرين ، وقيل : هو ملك أعظم من جبرئيل ومن سائر الملائكة ، وقيل : ليس هو من جنس الملك بل هو خلق أشرف وأعظم من الملائكة وبه وردت أكثر أخبارنا واستدلوا عليهمالسلام بهذه الآية وبقوله تعالى : « يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ » (١) على المغايرة للعطف المقتضي لها.
واختلفوا أيضا في معنى نزول القرآن في ليلة القدر ، فقيل : المراد ابتداء نزوله ، وقيل : نزول جملته من اللوح إلى السفرة ، وقيل : إلى السماء الدنيا ، وقيل : كان ينزل مجموع ما ينزل في السنة في ليلة القدر إلى السفرة ، ويحتمل نزول جملته على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أولا ثم كان ينزل بحسب المصالح منجما (٢) وقد مر وجه آخر آنفا ، وسيأتي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : نزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور ، ثم نزل في طول عشرين سنة.
واختلف أيضا في تعيينها ، فقال بعض العامة : بأنها مشتبهة في ليالي السنة كلها ، ومنهم من قال : مشتبهة في شعبان وشهر رمضان ، والأكثرون منهم على أنها في شهر رمضان ، فذهب بعضهم إلى أنها أول ليلة منه ، وبعضهم إلى أنها ليلة سبع عشر منه ، وبعضهم إلى أنها ليلة سبع وعشرين ، ولا خلاف عندنا في عدم خروجها من الليالي الثلاث : تسع عشرة ، وإحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين والأكثرون على الأخيرين ، بل نقل شيخ الطائفة (ره) الإجماع على كونها في فرادى العشر الأواخر ، وأكثر أخبارنا وردت في الأخيرتين ، وكثير منها في الثالث والعشرين ، وسيأتي تمام القول فيه في بابها إنشاء الله تعالى.
قوله عليهالسلام « فقد رضيه » هذا إما تفسير للإذن بالرضا ، أو لبيان أن من ينزلون
__________________
(١) سورة النبأ : ٣٨.
(٢) سورة أي في أوقات معينة.