مامات آدم إلا وله وصي وكل من بعد آدم من الأنبياء قد أتاه الأمر فيها ووضع لوصيه من بعده وايم الله إن كان النبي ليؤمر فيما يأتيه من الأمر في تلك الليلة من آدم إلى محمد صلىاللهعليهوآله أن أوص إلى فلان ولقد قال الله عز وجل في كتابه لولاة الأمر من بعد محمد صلىاللهعليهوآله خاصة : « وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ » إلى قوله « فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ » (١) يقول :
______________________________________________________
والمعنى أن من سوى الأنبياء لا بد من أن يكون حجة على العباد بكمال علمهم ، وكونهم عالمين بجميع ما يرد عليهم من الحوادث والأحكام ، ولا يكون ذلك إلا بنزول الملائكة إليهم في تلك الليلة ، وجملة « ينزل » أيضا بيان كما مر.
ويؤيد الأول أن هذا الخبر رواه مؤلف كتاب تأويل الآيات الظاهرة وفيه هكذا : « ولا بد لمن سواهم من أول يوم خلقت فيه الأرض إلى آخر فناء الدنيا من أن يكون على أهل الأرض حجة ينزل ذلك الأمر في تلك الليلة إلى من أحب من عباده وهو الحجة » بناء على إرجاع هو إلى النزول ويحتمل إرجاعه إلى من أحب ، فيوافق الثاني أيضا وهذان الوجهان مما خطر بالبال.
وقيل : المراد بمن سواهم سائر أهل الأرض سواء كان محدثا أم لا ، وقوله « على أهل الأرض » من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر أي عليهم ، يعني أن إتيان جبرئيل الأنبياء والرسل ينسب إلى من سواهم أيضا ، لأنه لا بد لهم من ذلك الإتيان ، ليكون على أهل الأرض حجة فكونه منسوبا إلى المحدثين بطريق أولى ، ولا يخفى ما فيه.
« ووضع » على بناء المعلوم أو المجهول ، أي وضع الله أو النبي وقرر نزول الأمر لوصيه ، وربما يقرأ وضع بالتنوين عوضا عن المضاف إليه عطفا على الأمر ، وفي تأويل الآيات « ووضعه لوصيه ».
« إن كان النبي » أن بكسر الهمزة مخففة عن المثقلة وضمير الشأن فيه مقدر « كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ » وبعد ذلك : « وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ
__________________
(١) سورة النور : ٥٥.