القدر علم ما هو قال الأمر واليسر فيما كان قد علم قال السائل فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا قال هذا مما أمروا بكتمانه ولا يعلم تفسير
______________________________________________________
قوله عليهالسلام « الأمر واليسر » لعل المراد أنه كان يعلم العلوم على الوجه الكلي الذي يمكنه استنباط الجزئيات منه ، وإنما يأتيه تفصيل أفراد تلك الكليات لمزيد التوضيح ولتسهيل الأمر عليه في استعلام الجزئيات.
ثم ذكر عليهالسلام بعد ذلك فائدة أخرى لنزول الملائكة في ليلة القدر ، وهي أن إخبار ما يلزمهم إخباره وإمضاء ما أمروا بإمضائه من التكاليف موقوف على تكرير الإعلام في ليلة القدر ، ويحتمل أن يكون المراد بالجمل ما يقبل البداء من الأمور وبالتفسير والتفصيل تعيين ما هو محتوم وما يقبل البداء كما يظهر من سائر الأخبار ، ولما كان علم البداء غامضا وفهمه مشكلا أبهم عليهالسلام على السائل ولم يوضحه له ، فقوله عليهالسلام « هذا مما أمروا بكتمانه » أي أمروا بكتمان أمر البداء عن غير أهله لقصور فهمهم ، وأنهم قبل أن يعين لهم الأمور البدائية والمحتومة لا يجوز لهم الإخبار بها ، ولذا قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لو لا آية في كتاب الله لأخبرت بما يكون إلى يوم القيامة فقوله « لا يعلم تفسير ما سألت » أي لا يعلم ما يكون محتوما وما ليس بمحتوم في السنة قبل نزول الملائكة والروح إلا الله.
وأما قوله « لا يحل لك » فهو إما لقصوره عن فهم معنى البداء ، أو لأن توضيح ما نزل في ليلة القدر والعلم بخصوصياته مما لا يمكن لسائر الناس غير الأوصياء عليهمالسلام الإحاطة به ، ويؤيد هذا قوله « فإن الله تعالى أبى » وعلى الأول يمكن تعميم الأنفس على وجه يشمل خواص أصحابهم وأصحاب أسرارهم مجازا كما ورد : سلمان منا أهل البيت.
والحاصل أن توضيح أمر البداء وتفصيله لأكثر الخلق ينافي حكمه البداء إذ هذه الحكمة لا تحصل لهم إلا بجهلهم بأصله ليصير سببا لإتيانهم بالخيرات وتركهم الشرور والسيئات ، كما أومأنا إليه في باب البداء ، أو بالعلم بكنه حقيقة ذلك ، وهذا