واعلم أيها السائل أنهم أقل من الكبريت الأحمر وأما إخوان المكاشرة فإنك تصيب لذتك منهم فلا تقطعن ذلك منهم ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان.
______________________________________________________
والأمراض الخفية « وأظهر منه الحسن » بالتحريك أي ما هو حسن ممدوح عقلا وشرعا من الصفات والأخلاق والأعمال ، ويمكن أن يقرأ بالضم « فإنك تصيب لذتك منهم » أي تلتذ بحسن صحبتهم ومؤانستهم وتحصيل بعض المنافع الدنيوية منهم ، بل الأخروية أيضا أحيانا بمذاكرتهم ومفاوضتهم « فلا تقطعن ذلك » الحظ « منهم » بالاستيحاش عنهم ، وترك مصاحبتهم فتصير وحيدا لندرة النوع الأول كما قال عليهالسلام في حديث آخر : زهدك في راغب فيك نقصان حظ ، ورغبتك في زاهد فيك ذل نفس.
« ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم » أي ما يضمرون في أنفسهم فلعله يظهر لك منهم حسد وعداوة ونفاق ، فتترك مصاحبتهم فيفوتك ذلك الحظ منهم ، أو يظهر لك منهم سوء عقيدة وفساد رأي فتضطر إلى مفارقتهم لذلك ، أو المعنى لا تتوقع منهم موافقة ضميرهم لك وحبهم الواقعي واكتف بالمعاشرة الظاهرة وإن علمت عدم موافقة قلبهم للسانهم كما يرشد إليه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « وابذل لهم ما بذلوا لك منهم طلاقة الوجه » أي تهلله وإظهار فرحه برؤيتك وتبسمه ، في المصباح : رجل طلق الوجه أي فرح ظاهر البشر وهو طليق الوجه ، قال أبو زيد : متهلل بسام ، وفي الحديث حث على حسن المعاشرة والاكتفاء بظواهر حالهم وعدم تجسس ما في بواطنهم فإنه أقرب إلى هدايتهم وإرشادهم إلى الحق ، وتعليم الجهال وهداية أهل الضلال وأبعد من التضرر منهم والتنفر عنهم ، والأخبار في حسن المعاشرة كثيرة لا سيما مع المدعين للتشيع والإيمان ، وسيأتي بعضها والله المستعان.