يحسده أو منافق يقفو أثره أو شيطان يغويه أو كافر يرى جهاده فما بقاء المؤمن بعد هذا.
______________________________________________________
مبتدأ ومؤمن خبره ، وإن أشدها أولى م ن أيسرها لئلا ينافي قوله عليهالسلام فيما بعد : ومؤمن يحسده وهو أشدهن عليه ، وفيه أن أيسرها أو أشدها صفة لما تقدم فلا تتم ما ذكر ، وكون هذه الأربع أيسر من غيرها لا ينافي أن يكون بعضها أشد من بعض ، ولو جعل مبتدأ كما زعم لزم أن لا يكون المؤمن الحاسد أشد من المنافق وما بعده ، وهو مناف لما سيأتي.
وأقول : يمكن أن يكون أو للجمع المطلق بمعنى الواو ، فلا نحتاج إلى تقدير إحدى ، ويكون أشدها مبتدأ ومؤمن خبره ، وعبر عن الأول بهذه العبارة لبيان الأشدية ثم عطف عليه ما بعده كأنه عطف على المعنى ، ولكل من الوجوه السابقة وجه وكون مؤمن بدل أشدها أوجه.
« يقول بقوله » أي يعتقد مذهبه ويدعي التشيع لكنه ليس بمؤمن كامل بل يغلبه الحسد « أو منافق يقفو أثره » أي يتبعه ظاهرا وإن كان منافقا أو يتبع عيوبه فيذكرها للناس وهو أظهر « أو شيطان » أي شيطان الجن أو الأعم منه ومن شيطان الإنس « يغويه » أي يريد إغواءه وإضلاله عن سبيل الحق بالوساوس الباطلة كما قال تعالى حاكيا عن الشيطان : « لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ » الآية (١) وقال سبحانه : « وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً » (٢) وقال : « وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ » (٣).
وربما يقرأ يغويه على بناء التفعيل أي ينسبه إلى الغواية وهو بعيد « أو كافر يرى جهاد » أي لازما فيضره بكل وجه يمكنه « فما بقاء المؤمن بعد هذا »؟
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٦.
(٢) سورة الأنعام : ١١٢.
(٣) سورة الأنعام : ١٢١.