ثواب لكم.
______________________________________________________
ذكر لحسن الألم وجوه : الأول : كونه مستحقا ، الثاني : كونه مشتملا على النفع الزائد ، الثالث : كونه مشتملا على دفع الضرر الزائد عنه ، الرابع : كونه بمجرى العادة ، الخامس : كونه متصلا على وجه الدفع ، وذلك الحسن قد يكون صادرا عنه تعالى على وجه النفع فيجب فيه أمران : أحدهما العوض وإلا لكان ظالما تعالى الله عنه ، ويجب أن يكون زائدا على الألم إلى حد يرضى عنه كل عاقل لأنه يقبح في الشاهد إيلام شخص لتعويضه ألمه من غير زيادة لاشتماله على العبث ، وثانيهما اشتماله على اللطف إما للمتألم أو لغيره ، ليخرج عن العبث فأما ما كان صادرا عنا مما فيه وجه من وجوه القبح فيجب عليه تعالى الانتصاف للمتألم من المولم لعدله ، ولدلالة السمعية عليه ، ويكون العوض هنا مساويا للألم وإلا لكان ظلما.
وهنا فوائد : الأول : العوض هو النفع المستحق الخالي عن تعظيم وإجلال ، فبقيد المستحق خرج التفضل وبقيد الخلو عن تعظيم خرج الثواب ، الثاني : لا يجب دوام العوض لأنه يحسن في الشاهد ركوب الأهوال العظيمة لنفع منقطع قليل ، الثالث : العوض لا يجب حصوله في الدنيا لجواز أن يعلم الله تعالى المصلحة في تأخره بل قد يكون حاصلا في الدنيا وقد لا يكون ، الرابع : الذي يصل إليه عوض ألمه في الآخرة إما أن يكون من أهل الثواب أو من أهل العقاب ، فإن كان من أهل الثواب فكيفية إيصال أعواضه إليه بأن يفرقها الله على الأوقات أو يتفضل الله عليه بمثلها ، وإن كان من أهل العقاب أسقط بها جزءا من عقابه ، بحيث لا يظهر له التخفيف بأن يفرق القدر على الأوقات ، الخامس : الألم الصادر عنا بأمره أو إباحته والصادر عن غير العاقل كالعجماوات وكذا ما يصدر عنه تعالى من تفويت المنفعة لمصلحة الغير وإنزال الغموم الحاصلة من غير فعل العبد عوض ذلك كله على الله تعالى لعدله وكرمه.
وأقول : كون أعواض الآلام الغير الاختيارية منقطعة ، مما لم يدل عليه برهان قاطع ، وبعض الروايات تدل على خلافه ، كالروايات الدالة على أن حمى ليلة تعدل