مالك الجهني قال قال أبو جعفر عليهالسلام يا مالك أنتم شيعتنا ألا ترى أنك تفرط في أمرنا إنه لا يقدر على صفة الله فكما لا يقدر على صفة الله كذلك لا يقدر على صفتنا وكما لا يقدر على صفتنا كذلك لا يقدر على صفة المؤمن إن المؤمن ليلقى المؤمن فيصافحه فلا يزال الله ينظر إليهما والذنوب تتحات عن وجوههما كما يتحات الورق من الشجر حتى يفترقا فكيف يقدر على صفة من هو كذلك.
______________________________________________________
كان مظهرا للتشيع مذعنا به ، والجهني بضم الجيم وفتح الهاء.
« لا ترى » وفي بعض النسخ ألا ترى على الاستفهام « أنك تفرط » على بناء الأفعال أو التفعيل ، فعلى الأولى من النسختين والوجهين ظاهره أنه نهى في صورة النفي أي لا تظن أنك تفرط وتغلو في أمرنا بما اعتقدت من كمالنا وفضلنا ، فإنك كلما بالغت في وصفنا وتعظيمنا ومدحنا فأنت بعد مقصرا ولا تظن أن إفراطك في أمرنا أخرجك من التشيع بل هو دليل على تشيعك ثم لما كان لقائل أن يقول : أن الإفراط في الأمر مذموم فكيف تمدحه به؟ فأزال ذلك بكلام مستأنف حاصله أنهم كلما وصفوا به من الكمال فهو دون مرتبتهم ، لأنهم ممن لا يقدر قدرهم كما أن الله سبحانه لن يقدر قدره بل لا يمكنكم معرفة قدر المؤمن من شيعتنا فكيف تقدرون على معرفة قدرنا ، وعلى الاستفهام أيضا يرجع إلى ذلك ، فإن المعنى ألست تزعم أنك تبالغ في أمرنا لا تزعم ذلك فإنه لا يقدر. إلى آخر ما مر.
وعلى الوجهين محمول على ما إذا لم يبلغ حد الغلو والارتفاع ، وإذا كان تفرط على بناء التفعيل فالمعنى لا تظن أنك تقصر في معرفتنا فإنها فوق طاقتكم ، ولا تقدرون على ذلك وإنما كلفتم بقدر عقولكم ، و « لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها » ، فكما لم تكلفوا كمال معرفة الله فكذا لم تكلفوا كمال معرفتنا والاستفهام أيضا يرجع إلى ذلك كما عرفت.