لكما فاستأنفا فإذا أقبلا على المساءلة قالت الملائكة بعضها لبعض تنحوا عنهما فإن لهما سرا وقد ستر الله عليهما قال إسحاق فقلت جعلت فداك فلا يكتب عليهما لفظهما وقد قال الله عز وجل : « ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ » (١) قال فتنفس أبو عبد الله عليهالسلام الصعداء ثم بكى حتى أخضلت دموعه لحيته وقال يا إسحاق إن الله تبارك وتعالى إنما أمر الملائكة أن تعتزل عن المؤمنين إذا التقيا إجلالا لهما
______________________________________________________
أي ارجعا ، أو كونا ، وقيل : هو مفعول به لفعل محذوف بتقدير أعرفا مغفورا ، ونائب الفاعل ضمير مستتر في المغفور ، ولكما ظرف لغو متعلق بالمغفور ، والفاء في قوله : فاستأنفا للتعقيب أو للتفريع على أعرفا ومفعوله محذوف ، أي استأنفا العمل ويمكن أن يقدر حرف النداء قبل مغفورا ، أو يكون حالا عن فاعل فاستأنفا ، ويكون الضمير في لكما نائبا للفاعل كما هو مذهب البصريين ، أو النائب للفاعل الضمير المستتر في المغفور ، الراجع إلى مصدر المغفور كما هو مذهب ابن درستويه وأتباعه ، أو لكما ظرف مستقر نائب للفاعل كما هو مختار الكوفيين ، والفاء للتفريع على مضمون جملة فإذا التزما « إلخ ».
وقال : السر هو التصورات الباطلة التي يلقيها الشيطان في قلب المؤمن وهو يتأذى بذلك ولا يضر بآخرته لأنها محض التصور فيشكو ما يلقى من ذلك إلى أخيه ، انتهى.
والصعداء منصوب على أنه مفعول مطلق للنوع ، قال الجوهري : الصعداء بالمد تنفس ممدود. وقال : اخضلت الشيء فهو مخضل إذا بللته ، وقوله : وإن كانت ، يحتمل الوصلية والشرطية « عالم السر وأخفى » إشارة إلى قوله تعالى : « وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى » (٢) والمشهور بين المفسرين أن السر ما حدث به غيره خافضا به صوته ، وأخفى ما يحدث به نفسه ولا يلفظ به ، وقيل : السر ما
__________________
(١) سورة ق : ١٨.
(٢) سورة طه : ٧.