ما الجزع قال أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل ولطم الوجه والصدر وجز الشعر من النواصي ومن أقام النواحة فقد ترك الصبر وأخذ في غير طريقه ومن صبر واسترجع وحمد الله عز وجل فقد رضي بما صنع الله ووقع أجره على الله ومن لم يفعل ذلك جرى عليه القضاء وهو ذميم وأحبط الله تعالى أجره.
______________________________________________________
بلفظ النداء بوا ، مثل قولهم وا رجلاه ، وا كريماه ، وا انقطاع ظهراه ، وا مصيبتاه ، غير أنه مكروه.
الثاني : النياحة بالباطل محرمة إجماعا أما بالحق فجائز إجماعا.
الثالث : يحرم ضرب الخدود ونتف الشعور وشق الثوب إلا في موت الأب والأخ فقد سوغ فيهما شق الثوب للرجل ، وكذا يكره الدعاء بالويل والثبور.
الرابع : ينبغي لصاحب المصيبة الصبر والاسترجاع قال الله تعالى « وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ » (١) انتهى كلامه رفع الله مقامه.
أقول : يدل هذا الخبر على أن هذه الأمور خلاف طريقة الصابرين وعلى كراهتها ولا يدل على الحرمة وما ورد من ذم إقامة النواحة إما محمول على ما إذا كانت مشتملة على هذه الأمور المرجوحة ، أو يقال أنه ينافي الصبر الكامل فلا ينافي ما يدل على الجواز.
قوله عليهالسلام « واسترجع » أي قال إنا لله وإنا إليه راجعون وقد مضى تفسيرها.
قوله عليهالسلام « ووقع أجره على الله » قال : البيضاوي في قوله تعالى « وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ » (٢) الوقوع والوجوب متقاربان والمعنى ثبت أجره عند الله ثبوت الأمر الواجب.
قوله عليهالسلام « وهو ذميم » أي مذموم ، قال في القاموس : ذمه ذما ومذمة
__________________
(١) سورة البقرة : ١٥٦.
(٢) سورة النساء : ١٠٠.