وأما التنافي بينهما وبين قوله تعالى « وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ » (١) فيمكن دفعه بوجهين.
الأول أن يحمل الموصول على الميتة كما رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس. (٢) ويدل عليه قوله تعالى في هذه الآية « وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ » فقد روي في تفسيرها أن الكفار كانوا يقولون للمسلمين إنكم تزعمون أنكم تعبدون الله فما قتل الله أحق أن تأكلوه مما قتلتموه ووجه التأييد أنهم أرادوا بما قتل الله ما مات حتف أنفه فينبغي حمل الموصول في صدر الآية على ذلك أيضا ليتلاءم أجزاء الكلام ويخرج عن التنافر.
الوجه الثاني أن يؤول الصلة بما ذكر غير اسم الله عليه حيث قال جل ثناؤه « قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ » (٣) الآية قرينة ظاهرة على أن المراد به في تلك الآية هذا المعنى لا غير فالواو في قوله سبحانه « وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ » واو الحال أي لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه حال كونه فسقا أي أهل به لغير الله ولا يستقيم كونها للعطف لما يلزم من عطف الخبر على الإنشاء.
الثالث روي أن النبي صلىاللهعليهوآله أكل من الذراع المسموم الذي أهدته إليه اليهودية وكان مرض السم يعاوده في بعض الأوقات إلى أن مات صلىاللهعليهوآله من ذلك وأكله من ذلك اللحم يدل على حل ذبيحة اليهود.
واحتج الحنابلة على تحريم ذبيحة المسلم إذا ترك التسمية سواء تركها عمدا أو سهوا بظاهر الآية « وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ » واحتج المالكية والشافعية على إباحتها مطلقا بظاهر قوله صلىاللهعليهوآله ذبيحة المسلم حلال وإن لم يذكر اسم الله (٤). وهذا
__________________
(١) الأنعام ١٢١.
(٢) راجع الدر المنثور : ٣ ص ٤٣.
(٣) الأنعام : ١٤٥.
(٤) أخرجه عبد بن حميد عن راشد بن سعد على ما في الدر المنثور : ٣ ص ٤٢.