الحديث لم يثبت عند الإمامية وحمله الحنفية على حالة النسيان لا العمد وأورد الشافعية عليهم أنه على هذا التقدير يلزم كون المسلم أسوأ حالا من اليهود والنصارى لأن المسلم التارك التسمية عمدا لا يجوز أكل ذبيحته واليهود والنصراني التارك يجوز أكل ذبيحته وهذا الإيراد ليس بشيء لأن الأمور تعبدية لا مجال للبحث فيها.
ثم قال ره والجواب عن الاستدلال بآية « وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ » أنه لا ريب أن ظاهرها ينافي ظاهر آية « وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ » ولكن رفع التنافي ليس بمنحصر فيما ذكرتم ليتم كلامكم فإن رفعه بما قلنا ونقله محدثونا عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام بتخصيص الطعام بما عدا اللحوم أولى وأحسن من حملكم وتأويلكم البعيد وتخصيص الطعام بالبر والتمر ونحوهما شائع.
وفي حديث أبي سعيد الخدري كنا نخرج لصدقة الفطر على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله صاعا من طعام أو صاعا من شعير (١) ومعلوم أن المراد بالطعام ما قلناه إذ لا يقال صاع من لحم وقد روي عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام أن المراد بالطعام في هذه الآية الحبوب وما شابهها (٢) ورواية ابن أبي حاتم لم تثبت عند كثير من محدثيكم فكيف عندنا.
ولا دلالة في قوله تعالى « وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ » الآية على أن المراد بما لم يذكر اسم الله عليه الميتة فقط لأنه يشمل فردي ما مات حتف أنفه
__________________
(١) رواه البخارى في كتاب الزكاة تحت الرقم ٧٣ و ٧٥ و ٧٦ ومسلم أيضا تحت الرقم ١٧ و ١٨ ( ج ٢ ص ٦٧٨ ) والنسائى في سننه كتاب الزكاة الرقم ٣٦ و ٣٨ وابن ماجة بالرقم ٢١ والترمذي بالرقم ٣٥ ، وهكذا في حديث احتجام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن انس بن مالك قال :
احتجم رسول الله حجمه أبو طيبة فأمر له بصاعين من طعام ، رواه مسلم ، في كتاب المساقاة تحت الرقم ٦٢ ، وهكذا في حديث الشاة المصراة « وان شاء ردها وصاعا من طعام » رواه البخارى في كتاب البيوع بالرقم ٦٤ وأبو داود بالرقم ٤٦ والترمذي بالرقم ٢٩ والدارمي بالرقم ١٩ وابن حنبل ٢ ص ٢٥٩ ولفظه « اناء من طعام » ٤ ص ٣١٤ ، ومثله حديث معيشة آل محمد (ص) « قال رسول الله : ما أصبح في آل محمد [ الا ] مد من طعام » رواه ابن ماجة في كتاب الزهد الباب ١٠ بالرقم المسلسل ٤١٤٨ ، ومثل هذه التعبيرات كثيرة.
(٢) راجع الكافي ٦ ص ٢٤١.