وما ذبح من دون ذكر اسم الله عليه من ذبائح المسلمين والكفار وحصول الجدال في الفرد الأول لأن تلبيسهم على المسلمين وإظهارهم الباطل في صورة الحق إنما يتمشى فيه فحكى سبحانه جدالهم فيما جادلوا فيه دون ما لم يجادلوا فيه وذلك لا يوجب تنافر أجزاء الكلام بوجه من الوجوه كما لا يخفى وكذا لا دلالة في قوله « وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ » على تأويل مما لم يذكر اسم الله عليه (١) فإن استعمال الفسق في الآية في غير معناه الحقيقي حيث أخرجه عن معناه المصدري لوجود الصارف فيها عن حمله عليه لا يدل على أنه في آية أخرى محمول على غير معناه الحقيقي والحال أنه لا صارف عن حمله فيها على معناه الحقيقي.
والواو في قوله تعالى « وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ » لا يتعين كونها للحال كما لا يتعين عود الضمير إلى الموصول لاحتمال جعل الواو اعتراضية واحتمال عود الضمير إلى المصدر المدلول عليه بالفعل كما في الكشاف وغيره والواو الاعتراضية كما تقع في أثناء الكلام تقع في آخره أيضا كما قالوه في قول النبي صلىاللهعليهوآله أنا سيد ولد آدم ولا فخر (٢). صرح بذلك في المطول وغيره أيضا فاحتمال كونها للعطف قائم.
وأما قولكم يلزم عطف الخبر على الإنشاء فجوابه أنه من قبيل عطف القصة على القصة فلا يحتاج فيه إلى تناسب الجملتين في الخبرية والإنشائية.
قال صاحب الكشاف عند تفسير قوله تعالى « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ » (٣) وقصة المنافقين عن آخرها معطوفة على قصة الذين كفروا كما تعطف الجملة على الجملة انتهى.
__________________
(١) متعلق بقوله « وكذا لا دلالة » والضمير راجع الى كون المراد مما لم يذكر اسم الله عليه ، الميتة. كذا في هامش المطبوعة.
(٢) رواه أحمد والترمذي وابن ماجة عن أبي سعيد الخدري ، ورواه مسلم وأبو داود عن ابى هريرة من دون زيادة واللفظ « أنا سيد ولد آدم يوم القيامة » راجع كشف الخفاء للعجلونى ١ : ٢٠٣.
(٣) البقرة ٨.